نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 106
قال أبو محمد رضي الله عنه وهذا لا يخفى على من له أقل فهم أنه إنما حملهم على ذلك العجز عما كلفهم من ذلك وارتفاع القوة عنهم وأنه قد حيل بينهم وبين ذلك ثم عم الدنيا من البلغاء الذين يتخللون بألسنتهم تخلل الناقد ويطيلون في المعنى التافه إظهارا لقتدراهم على الكلام جماعات لا بصائر لهم في دين الإسلام منذ أربعمائة عام وعشرين عاما فما منهم أحد يتكلف معارضته إلا افتضح وسقط وصار مهزأة ومعيرة يتماجن به وبما أني به ويتطائب عليه منهم مسيلمة بن حبيب الحنفي لما رام ذلك لم ينطق لسانه إلا بما يضحك الثكلى وقد تعاطى بعضهم ذلك يوما في كلام جرى بيني وبينه فقلت له اتق الله على نفسك فإن الله تعالى قد منحك من البيان والبلاغة نعمة سبقت بها ووالله لئن تعرضت لهذا الباب بإشارة ليسلبنك الله هذه النعمة وليجعلنك فضيحة وشهرة ومسخرة وضحكة كما فعل بمن رام هذا من قبلك فقال لي صدقت والله أظهر الندم والإقرار بقبحه قال أبو محمد رضي الله عنه وهذا الذي ذكرنا مشاهد وهي آية باقية إلى اليوم وإلى انقضاء الدنيا وسائر آيات الأنبياء عليهم السلام قد فنيت بفنائهم فلم يبق منها إلا الخبر عنها فقط قال أبو محمد رضي الله عنه وقد ظن قوم أن عجز العرب ومن تلاهم من سائر البلغاء عن معارضة القرآن إنما هو لكون القرآن في أعلى طبقات البلاغة قال أبو محمد رضي الله عنه وهذا خطأ شديد ولو كان ذلك وقد أبى الله عز وجل أن يكون لما كان حينئذ معجزة لأن هذه صفة كل باسق في طبقته والشيء الذي هو كذلك وإن كان قد سبق في وقت ما فلا يؤمن أن يأتي في غد ما يقاربه بل ما يفوقه ولكن الإعجاز في ذلك إنما هو أن الله عز وجل حال بين العباد وبين أن يأتوا بمثله ورفع عنهم القوة في ذلك جملة وهذا مثل لو قال قائل إني أمشي اليوم في هذه الطريق ثم لا يمكن أحدا بعدي أن يمشي فيها وهو ليس بأقوى من سائر الناس وأما لو كان
106
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 106