responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وجود العالم بعد العدم عند الإمامية نویسنده : السيد قاسم علي الأحمدي    جلد : 1  صفحه : 154


الوجه الرابع :
إن فاعليته تعالى للأشياء هي بالإرادة والمشية لا بالذات ، فما هو العلة لوجود العالم هو إرادته ومشيته تعالى أي إيجاده الذي هو فعله تعالى وهو أمر حادث كما ورد في الآيات والأخبار الكثيرة [1] .



[1] المعروف والمشهور بين الفلاسفة قديما وحديثا هو أن إرادته تعالى من الصفات الذاتية كصفة العلم والقدرة والحياة ، وهذا القول مخالف للآيات والأحاديث الكثيرة الدالة على أن إرادته سبحانه فعله وايجاده للأشياء لا غير . قال بعض الأعلام في هذا المقام : والدليل على أن الإرادة لا تكون من صفات ذاته بل من أفعاله : أنه يصح سلبها عن ذاته المقدسة فيصح أن يقال : إن الله لم يرد الأمر الفلاني ، وأراد الأمر الكذائي كما يصح أن يسلب الإرادة وعدمها عن ذاته المقدسة بالنسبة إلى شئ واحد ، فيقال : إن الله لم يرد شفاء المرض الفلاني في يوم الجمعة ، وأراد شفائه في يوم السبت ، والحال أن النفي والإثبات لا يصحان بالنسبة إلى صفاته تعالى وتقدس . مضافا إلى أنه يلزم قدم العالم لاستحالة تخلف المعلول عن علته التامة . ولا يرتفع الإشكال بالالتزام بأن الصادر الأول معلول لذاته والصادر الثاني معلول للصادر الأول ، فلا يكون ذاته علة لجميع الموجودات ، فإن الواحد لا يصدر منه إلا الواحد . والوجه في عدم ارتفاع الإشكال : أولا : إنه يلزم قدم العالم . وثانيا : إنه إذا فرض كون الصادر الأول علة للصادر الثاني ، يلزم قدم الصادر الثاني لاستحالة تخلف المعلول عن علته وهكذا . ويضاف إلى ما ذكر أن النصوص والروايات الواردة عن مخازن الوحي تنافي هذا الرأي وتنفيه . . إلى آخر كلامه دام عزه . " آرائنا 1 / 64 " أقول : أما الآيات الدالة على ما ذكرناه : فقوله تعالى : * ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) * [ يس ( 36 ) : 82 ] . وقوله تعالى : * ( إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ) * [ النحل ( 16 ) : 40 ] . وقوله تعالى : * ( بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) * [ البقرة ( 2 ) : 117 ] . وقوله تعالى : * ( قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ) * [ المائدة ( 5 ) 17 ] . وقوله تعالى : * ( قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ) * [ الأحزاب ( 33 ) : 17 ] . . . ونحوها من الآيات الصريحة والمبينة بأن ارادته تعالى هي فعله وإحداثه وإيجاده للأشياء لا غير ، ونظيرها الآيات التي فيها لفظة " المشية " كقوله تعالى : * ( يخلق ما يشاء ) * [ المائدة ( 5 ) : 17 ، وال عمران ( 3 ) : 47 ] . وقوله سبحانه : * ( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد ) * [ إبراهيم ( 14 ) : 19 ، وفاطر ( 35 ) 16 ] . وأمثالها من الآيات . ولا يخفى أن الإرادة والمشية هنا بمعنى واحد . وأما الأخبار الواردة في أن الإرادة هي إحداثه وإيجاده تعالى فكثيرة جدا أيضا ، ونحن نذكر نزرا منها ، ومن أراد الوقوف عليها فليراجع مظانها : * روى الشيخ الصدوق ( رحمه الله ) - في الصحيح - عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : قال : قلت له : لم يزل الله مريدا ؟ فقال : " إن المريد لا يكون إلا لمراد معه ، بل لم يزل الله عالما قادرا ثم أراد " . ( التوحيد : 146 حديث 15 ، الكافي 1 / 109 ، بحار الأنوار 4 / 144 و 54 / 38 ) . * وروى بإسناده عن سليمان بن جعفر الجعفري ، قال : قال الرضا ( عليه السلام ) : " المشية والإرادة من صفات الأفعال ، فمن زعم أن الله تعالى لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد " . ( التوحيد : 338 حديث 5 ، بحار الأنوار 4 / 145 حديث 18 و 57 / 37 ) . * وروى - في الصحيح - عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : " المشية محدثة " . ( التوحيد : 147 حديث 18 وص 336 حديث 1 ، الكافي 1 / 110 ، بحار الأنوار 4 / 144 ) . * وروى - في الصحيح - عن صفوان بن يحيى قال : قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : أخبرني عن الإرادة من الله ومن المخلوق . قال : فقال : " الإرادة من المخلوق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل ، وأما من الله عز وجل فإرادته إحداثه لا غير ذلك لأنه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر ، وهذه الصفات منفية عنه وهي من صفات الخلق " . " فإرادة الله هي الفعل لا غير ذلك ، يقول له كن فيكون ، بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك كما أنه بلا كيف " . ( التوحيد : 147 حديث 17 ، الكافي 1 / 109 ، بحار الأنوار 4 / 137 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 / 119 ) . وهذه الصحيحة نص على أن إرادته تعالى هي أمره التكويني أي إيجاده . * روى الصدوق ( رحمه الله ) : بإسناده عن بكير بن أعين ، قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : علم الله ومشيته هما مختلفان أم متفقان ؟ " فقال : العلم ليس هو المشية ، ألا ترى أنك تقول سأفعل كذا إن شاء الله ، ولا تقول سأفعل كذا إن علم الله ، فقولك : إن شاء الله دليل على أنه لم يشأ ، فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء ، وعلم الله سابق للمشية " . ( التوحيد : 146 الحديث 16 ) . * عن مولانا الرضا ( عليه السلام ) أنه قال : " يا سليمان ألا تخبرني عن الإرادة فعل هي أم غير فعل " ؟ قال : بل هي فعل . قال ( عليه السلام ) : " فهي محدثة لأن الفعل كله محدث " . قال : ليست بفعل . قال : " فمعه غيره لم يزل . . . فالإرادة محدثة وإلا فمعه غيره " . ( التوحيد : 448 و 451 ، بحار الأنوار 10 / 336 و 57 / 57 ) . ثم إنه ليس في شئ من هذه الروايات وغيرها إيماء ، فضلا عن الدلالة على أن له تعالى إرادة ذاتية أيضا ، بل فيها ما يدل على نفى كون إرادته تعالى ذاتية ، كصحيحة عاصم بن حميد ، ورواية الجعفري و . . فلو كانت لله تعالى إرادتان : ذاتية ، وفعلية ، لأشارت الروايات بذلك ولذا قال الشيخ المفيد ( رحمه الله ) : إن إرادة الله تعالى لأفعاله هي نفس أفعاله ، وإرادته لأفعال خلقه أمره بالأفعال ، وبهذا جاءت الآثار عن أئمة الهدى من آل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو مذهب سائر الإمامية إلا من شذ منها عن قرب وفارق ما كان عليه الأسلاف . . " أوائل المقالات : 58 " . وهو اختيار الشيخ الكليني ( رحمه الله ) في " الكافي 1 / 111 " و الشيخ الصدوق ( رحمه الله ) في " التوحيد : 148 " والشيخ الطوسي ( رحمه الله ) في " الإقتصاد : 35 ، التبيان 4 / 240 " والعلامة المجلسي ( رحمه الله ) في " رسالة فرق ميان صفات فعل وذات : 19 ، 20 " و . . أقول : لا يخفى أن ما سوى الله مستند إلى إرادته تعالى التي هي فعله وإيجاده تعالى ، وإيجاده مستند إلى ذاته تعالى على سبيل الاختيار . ولا يلزم قدم شئ من العالم حتى نفس الإرادة ، لأنه بعد وضوح كونه تعالى فاعلا مختارا بمعنى : إن شاء فعل وإن شاء ترك ، وبعد استناد وجود العالم إليه تعالى اختيارا فلا يعقل ولا يتصور حدوث العالم إلا على نحو الحدوث الزماني ، والوجود بعد العدم المطلق إذ لم تتعلق إرادته بحدوثه إلا على هذا النحو من الوجود حتى بالنسبة إلى نفس الإرادة كما في الأخبار المستفيضة : " خلق الله الأشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها " ، يعني إن إرادته تعالى لا تحتاج إلى إرادة أخرى وإلا للزم التسلسل ، بل إرادته تعالى هي إيجاده ، وهي معنى مصدري قائم بذاته تعالى بلا حاجة إلى إيجاد آخر كما هو مقتضى كون الفاعل قادرا مختارا . وبعبارة أخرى ، نقول : بعد ثبوت القدرة والاختيار لله تعالى إن الإرادة لا تحتاج إلى إرادة أخرى ليلزم التسلسل ، فإرادته تعالى مستندة إلى اختياره تعالى لا غير . وبالجملة ، لا مجال للإشكال بوجه بعد ثبوت القدرة والاختيار لله تعالى .

154

نام کتاب : وجود العالم بعد العدم عند الإمامية نویسنده : السيد قاسم علي الأحمدي    جلد : 1  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست