السكون لأهل الجنة ، وتجتمع الآلام في ذلك السكون لأهل الجحيم ، وتبعه على هذا الرأي تلميذه النظام . ومنها أن الباري تعالى عالم بعلم وعلمه ذاته ، وقادر بقدرة وقدرته ذاته وهكذا . . . والفرق بينه وبين من يقول إنه عالم لذاته وقادر لذاته ، أن قول أبي الهذيل إثبات ذات هي بعينها صفة ، أو إثبات صفة هي بعينها ذات [1] . 4 - أبو إسحاق إبراهيم بن سيار النظام ( 60 - 221 ه ) من أئمة المعتزلة وقادتهم ، وأستاذ الجاحظ في الكلام والاعتزال ، ومن أئمة البلاغة والبيان ، كان حديد الذهن سريع الخاطر ، تلمذ على أبي الهذيل العلاف ، وبرع وظهر على أستاذه في مناظرات كثيرة . كما أخذ عن هشام بن الحكم وتأثر به إلى حد بعيد . وقد وصفه تلميذه الجاحظ في كتاب الفتيا فقال : " وكان إبراهيم من حفاظ الحديث مع ذهن حديد ولسان ذرب ، يتلخص به إلى الغامض ، ويحل به المعقد ، ويقرب به ما بعد ، وهو مع ذلك يخطئ خطأ الغمر ، ويخبط خبط السكران ، ويجمع بين التيقظ والغفلة والحزم والإضاعة " [2] . وانفرد بالقول بأن الله تعالى لا يقدر على الشر ، خلافا لأصحابه المعتزلة فإنهم يقولون بأنه قادر عليه لكنه لا يفعله لأنه قبيح [3] .
[1] الملل والنحل ج 1 ص 26 . [2] الفصول المختارة ج 2 ص 40 . [3] الملل والنحل ج 1 ص 28 .