وما ذلك إلا لأن النظرية الشيعية أقرب إلى واقع المجتمع وتفكيره ، وأكثر صلة بالذهنية العربية ، وبفهم ( العقلية العامة ) أيضا ، وأبرع في تصوير آلام البشر وأفراحهم لذلك ثبتت ونمت ، ولا تزال حية أيضا في مظاهر كثيرة لا نسميها عادة باسمها الحقيقي [1] . على أن فكرة النص كما يقوله الشيعة يتصل بجذور حجة معقولة . ذلك أن الإسلام ككل المبادئ الأخرى الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية مجموعة من قوانين كثيرة للدين والدنيا ، لم يتهيأ للرسول الأعظم أن ينفذها بكاملها ويطبقها ، لأن المدة التي عاشها قصيرة لا تتجاوز الثلاث والعشرين سنة ، قضى كثيرا منها في صد غزوات المشركين في بدر وأحد وحنين والأحزاب وسواها ، ومنها ما قضاه في مكة قبل الهجرة ، وكان هناك مصدودا مضطهدا هو ومن أسلم معه ، لذلك كانت هذه المدة القصيرة التي عاشها غير كافية لتطبيق الذي جاء به ، ولم تتسع لتفهيمها للمسلمين وشرحها لهم . أنه يريد الإسلام - بدون شك - من المسلمين كما جاء به من عند العزيز العليم ، كاملا في مبادئه حيا في تنفيذه وتطبيقه ، وإلا لانتقض غرضه ، أما وقد دنى أجله فلا بد أن يعهد إلى من يمثل دوره في تطبيق الرسالة وتبيين مناهجها وشرحها في جميع مبادئها ، ولا يكون ذلك إلا لمن يوثق به في نفسه في كفائته وضمانته للتطبيق والتنفيذ ، ولا بد أن يكون هو أعلم بمن يمثل
[1] أنظر عبقرية العرب للدكتور عمر فروخ ص 35 - 36 وكتاب الأدب في ظل التشيع للمؤلف في فصل الخلافة .