هذه الساحة ، وأبعدهم أثرا في الحركة الكلامية في الإسلام ، وأقربهم صلة مباشرة بما يمس الدين أو مشاكل العقائد الإسلامية ، وكانوا يمثلون روح الإسلام وتفكيره تمثيلا واضحا . وقد تناولوا أهم مشاكل الدين ، من إثبات الخالق وحدوث العالم ، والروح والادراك ، وصفات الخالق الثبوتية والسلبية ، ومسألة خلق القرآن ، وأفعال العباد ، والقضاء والقدر ، والإمامة ، والعصمة ، وحكم مرتكب الكبيرة ، والاستطاعة ، وبقاء الجنة والنار وسوى ذلك من المشاكل الدينية . وعالجوا إلى جانب هذه مواضيع فلسفية لا صلة لها بالدين ، أو أن علاقتها به ليست بذات بال . كموضوع الكمون والظهور والحركة والسكون والأجسام والأعراض وما يتبعها من التداخل والطفرة وحقيقة الإنسان ، وما إلى ذلك من مواضيع فلسفية كثيرة . وتعد تلك الحقبة من أغزر حقب التاريخ بالفرق والمذاهب ، فقد قامت فيها المعارك الدينية والنظرية في جدال وحجاج لا ينتهيان ، وبرزت فيها الفرق الكثيرة التي تفرعت من الشيعة والمعتزلة والصفاتية والخوارج ، وظهرت من جراء ذلك ، المؤلفات الكلامية الكثيرة تقريرا أو حجاجا أو دفاعا ، التي تكاد تملأ الطوامير . وكانت هذه المذاهب المذكورة هي النواة الأولى التي انفلقت عنها الفرق الكثيرة في الإسلام في تسلسل مطرد إلى يومنا هذا . وكان بين كل منها اختلاف غير يسير في أشياء كثيرة من