كانت حركة فكرية دائمة ، ونضالا في سبيل الإسلام ضد الملاحدة والزنادقة والفلاسفة وسواهم . إنهم لم يجودوا إلا بنتف يسيرة قصيرة ، من مجموع آرائه وتفكيره وحياته ، متقطعة الأوصال لا لحمة فيها ولا سدى ، يلتقي فيها الباحث في مجموعة ضخمة من كتب التاريخ والفرق والكلام والرجال ، بعد جهد كثير وعناء شديد . وبعد ذلك كله لا يجد الباحث بدا من الاتكاء على منطق المعارضة والمقارنة بينها ، وعلى منطق الاستنباط في دراسة آرائه وبيان أصولها ، وعلى ربط الكثير منها بخيوطها الأولى الإسلامية ، مراعيا في ذلك التطور الطبيعي في تاريخ الفكر الاسلامي ، وما نشأ من مشاكل دينية ، قد تتسع أحيانا لأكثر من مشكلة سياسية . وهذا - كما ترى - جهد شاق ، لا سيما أن أكثر المؤلفات في الفرق والمذاهب لم تحفل بهشام كمفكر عبقري موهوب ، أفاد المجتمع والعصر الذي عاش فيه ، ولم تعن به العناية الكافية ، ولم تتناوله إلا بصورة عابرة لا تغني كثيرا في دراسته . ولو توافرت مصادر أكثر ، لحول وجه هذه الدراسة إلى طور آخر أبعد مدى وأكثر وضوحا . ولكن ذلك كله لا يعفي الباحثين من الدراسة ، والله سبحانه ولي السداد والتوفيق .