ثم يقال لهم : خبرونا عن هذا الإنفاق أين كان ؟ ! بمكة أم بالمدينة ؟ ! فإن قالوا : كان في مكة . قيل لهم : إنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذ ذاك غنيا بمال أم المؤمنين خديجة رضي الله تعالى عنها ، التي تضرب بكثرة مالها الأمثال ، وكان ينفق منه على من شاء في أول النبوة . وإن قالوا : كان ذلك بالمدينة . قيل لهم : إن الله سبحانه وتعالى قد أغناه بما فتح عليه من الفتوح والغنائم ، ففي أي الوقتين احتاج إلى مال ابن أبي قحافة يا أولي الألباب ؟ ! ولأولياء أبي بكر أحاديث في هذا الباب يروونها ، وضرورة العقل تشهد ببطلانها ، فلا نطيل بذكرها ، وفيما ذكرناه غنية وكفاية لمن أخذت بيده العناية . وأما قوله : وهذه النعمة لا تجزى لقوله تعالى : ( لا أسألكم عليه أجرا ) . . . . فهو واضح البطلان ، بين الفساد ، كيف ؟ ! وإن قوله تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) [131] نص صريح في ثبوت المطالبة بالأجر والجزاء - أعني مودة ذوي القربى - وهو استثناء من عموم نفي سؤال الأجر على تبليغ الرسالة ، فثبتت المطالبة بالجزاء موجبة جزئية ، فكيف يقال إن نعمة الهداية والإرشاد إلى الدين لا تجزى ؟ ! * * *