تتمة أخرج الحميري في قرب الإسناد [87] عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول في تفسير ( والليل إذا يغشى ) : إن رجلا من الأنصار كان لرجل في حائطه نخلة ، وكان يضر به ، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فدعاه فقال : أعطني نخلتك بنخلة في الجنة ، فأبى ! فبلغ ذلك رجلا من الأنصار يكنى أبا الدحداح ، فجاء إلى صاحب النخلة فقال : بعني نخلتك بحائطي فباعه ، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله ، قد اشتريت نخلة فلان بحائطي ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فلك بدلها نخلة في الجنة . . الحديث . ورواه القمي في تفسيره مرسلا مضمرا . وقد تبين أن نزول سورة الليل في أبي الدحداح مروي من طرق الفريقين ، فينبغي الأخذ به والتعويل عليه ، لأنه مما وقع عليه الاتفاق دون غيره ، والله الموفق والمستعان . * * * ثم إن السيوطي عقد فصلا آخر لتضعيف ما أفتى به الجوجري ، وذكر فيه أربعة وجوه ، ثلاثة منها جدلية ينبغي أن تطوى ولا تروى ! وأما الوجه الرابع الذي رد به عليه من جهة التحقيق - كما قال - فهو ما ذكره بقوله : قال البغوي في معالم التنزيل : يريد ب : ( الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى ) يطلب أن يكون عند الله زكيا ، لا رياء ولا سمعة - يعني أبا بكر الصديق في قول الجميع - ، وقال ابن الخازن في تفسيره : ( الأتقى ) هنا أبو بكر الصديق في قول جميع المفسرين ، وقال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره : أجمع المفسرون منا على أن المراد ب : ( الأتقى ) أبو بكر ، وذهبت الشيعة إلى أن المراد به علي ، فانظر إلى نقل هؤلاء الأئمة الثلاثة إجماع المفسرين على أن المراد ب : ( الأتقى ) أبو بكر ، لا كل تقي . انتهى . أقول : لا نقيم لإجماعهم وزنا ، لما انكشف من حال الأحاديث والآثار التي ليس لها من الحقيقة مسيس ، ولا من القوة والمتانة رسيس ، فلا ينعقد على دعواهم إجماع إلا إجماعا هو أوهن من بيت العنكبوت . وأما عزو الرازي إلى الشيعة بأسرهم نزول الآية في حق علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام فافتراء ظاهر ، وقد عرفت قولهم في ذلك . نعم ، حكى هو في تفسيره [88] عن بعض الشيعة الاستدلال على ذلك بقوله تعالى : ( ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) [89] ، بتقريب أن قوله عز من
[87] قرب الإسناد : 355 - 356 . [88] التفسير الكبير 31 / 204 . [89] سورة المائدة 5 : 55 .