للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : أهبها لهم بالنخلة التي في الجنة ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : افعل ، فوهبها ، فنزلت . انتهى . قلت : مجموع هذه النقول - على اختلاف خصوصياتها - تدل على أن للقصة أصلا أصيلا وأنها سبب النزول ، ويؤخذ من ذلك أن سورة الليل مدنية ، فحينئذ لا يمكن التعلق بها في قصة عتق العبيد بمكة ، ولا الإحتجاج بها على أفضلية أبي بكر . وقد اختلفوا في مكيتها ومدنيتها ، فالجمهور على أنها مكية ، وقال علي بن أبي طلحة : مدنية [79] ، وقيل : بعضها مكي وبعضها مدني [80] ، وقال صاحب الميزان رحمه الله : إن السورة تحتمل المكية والمدنية بحسب سياقها [81] . فظهر بذلك أن دعوى السيوطي : توارد خلائق من المفسرين لا يحصون على أنها نزلت في أبي بكر ، وكذا أصحاب الكتب المؤلفة في المبهمات ، وزعم الآلوسي أن ذلك روي بأسانيد صحيحة [82] . . بل تجرؤ أبي الفرج ابن الجوزي البكري في زاد المسير [83] على إرسال دعوى إجماع المفسرين على أن المراد بالأتقى في الآية أبو بكر إرسال المسلمات . . مما لا يقام له وزن البتة ، لما عرفت من أن دعواهم معارضة بمثلها ، مضافا إلى اتفاق الشيعة - وهم شطر الأمة - على نزولها في أبي الدحداح الأنصاري ،
[79] الإتقان 1 / 44 . [80] روح المعاني 30 / 147 . [81] الميزان في تفسير القرآن 20 / 302 . [82] روح المعاني 30 / 147 . [83] زاد المسير في علم التفسير 9 / 152 .