ثم كيف يكون كل الصحابة عدول ، ومنهم من تخلف عن جيش أسامة وقد قال النبي صلى الله عليه وآله : ( جهزوا جيش أسامة ، لعن الله من تخلف عن جيش أسامة ) [1] ، وخالف النبي في إحضار الدواة والقرطاس وقال : دعوه فإنه يهجر [2] . وفيهم من أبدع في الشورى عدة بدع ، فخرج بها عن النص والاختيار وحصرها في ستة وشهد على كل من سوى علي عليه السلام بعدم صلوحه لها ، وأمر بضرب رقابهم إن تأخروا أكثر من ثلاثة أيام ، وأمر بضرب من يخالف عبد الرحمن [3] ، وكل ذلك حكم بما لم ينزل الله . وفيهم من طرده رسول الله صلى الله عليه وآله مع أبيه عن المدينة ، وهو مروان بن الحكم [4] ، ولم يبايع عليا بعدما قتل عثمان ومات ميتة جاهلية ، وعن الكرماني في شرح الصحيح عند رواية مروان : ( فإن قلت : كيف روى مروان ذلك وهو لم يسمع رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن بالحديبية ؟ قلت : هو من مراسيل الصحابة وهو معتبر اتفاقا ) ، خذل الله معشرا يتفقون على اعتبار مراسيل مروان - طريد رسول الله صلى الله عليه وآله ويتهمون جابر الجعفي في حديثه لأنه أظهر القول بالرجعة ، قال سفيان : ( كان الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر ، فلما أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه وترك الناس ، فقيل له : وما أظهر ؟ قال : الإيمان بالرجعة ) ، وليس القول بالرجعة مما أنكره العقل ولا نفاه الشرع بل لو لم تكن الآيات التي استدلوا بها على إثباتها نصا فيها فلا أقل من ظهورها فيها ، فكيف صار القول بها بدعة . وفيهم من هو رأس القاسطين ورئيس الفئة الباغية بأخبار النبي صلى الله عليه وآله في قتل عمار [5] وأنه يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار [6] ، ومن
[1] شرح النهج لابن أبي الحديد 6 : 52 ، راجع إلى تفصيله البحار 8 : 8 - 245 الطبعة الكمباني . [2] راجع إلى تفصيله البحار 8 : 270 - 261 الطبعة الكمباني ، المراجعات : 272 . [3] شرح النهج 12 : 256 . [4] الغدير 8 : 4 - 243 مع ترجمتهما . [5] كنز العمال 11 : 727 ، 725 ، 722 . [6] كنز العمال 11 : 724 .