وقال بعد ذكر أخبار كثيرة في جلالتهما وكرامتهما : ( إنما ذكرنا هذا في أخبار أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الكاهلي وأبي شعيب محمد بن نصير ، لما ظهر من اللعن لهما ، وإلا ففضائل القوم أكثر من أن تحصى ولذا روينا هذا من أخبارهما ليعلم من لم يعلم ويدري من لم يدر ) ، ثم ذكر بعض الحكايات لرفع استبعاد ظهور الأعاجيب على أيدي هؤلاء الأبواب ، وقال في آخر الكتاب : ( فأما اختلاف الطوائف من الشيعة في بابية محمد بن سنان وعلي بن جبلة القمي ومحمد بن موسى الشعبي وغيرهم فباطل ، واتباع هوى لا أصل له وفتنته وابتياع الدنيا بالدين وقد نهى الله جل ثناؤه عن ذلك ) ، ثم ذكر بعض الآيات . وأعجب من جميع ذلك أنه ذكر بعد الأبواب بابا فيما ورد من الوكالة والدلالة على أبي عمر وعثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمد وأبي القاسم الحسين بن روح وأنهم وكلاء الأموال . ومما رواه فيه عن جماعة من مشايخه أنه : ( لما نصب العسكري عليه السلام عثمان بن سعيد وكيلا وقعت الشبهة في قلوبنا وقلنا عسى أن يكون قد بدا لله [1] في محمد بن نصير كما بدا لله في أبي الخطاب وكثر الكلام بالكوفة وسوادها ، فاجتمعنا اثنان وأربعون رجلا ممن لقى العسكريين عليهما السلام على أن نكتب كتابا نسئل فيه عما وقعت الشبهة فيه عندنا ، ثم اجتمعنا على
[1] معنى البداء ظهور الشئ بعد خفائه ، وهو في عقيدة الإمامية : ظهور الشئ من الله لمن يشاء من خلقه بعد إخفائه عنهم ، فقولنا : بدا لله ، معناه : بدا لله شأن أو حكم وليس معناه ظهر له ما خفي عليه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، لقد ثبت من الأخبار الواردة عن آل البيت عليهم السلام خلق الله لوحين أثبت فيهما ما يحدث من الكائنات : اللوح المحفوظ وهو اللوح المطابق لعلمه تعالى لا يحدث فيه أي تبدل أو تغيير ، والثاني ، لوح المحو والإثبات : وهو الذي يتغير ويتبدل ما فيه حسب ما تقتضيه الحكمة الإلهية قبل وقوعه وتحققه في الخارج ، إذن فالبداء : هو محو ما كان ظاهرا في لوح المحو والإثبات وتبديله بما سبق في علم الله الثابت في اللوح المحفوظ الذي لا يقبل التغيير والتبديل .