وصيا لتفزعوا إليه فيما تتنازعون في أمر دينكم فدلوني على هذا الذي هو أعلم منكم ، فعساه في العلم أقل [1] منكم في محاورة وجواب وبيان ما يحتاج إليه من أثر النبوة وسنن الأوصياء ، ولقد ظلمك القوم وظلموا أنفسهم فيك . قال سلمان : فلما رأيت ما نزل بالقوم من البهت والحيرة والذل والصغار وما حل بدين محمد صلى الله عليه وآله وما نزل بالقوم من الحزن ، نهضت لا أعقل أين أضع قدمي ، إلى باب أمير المؤمنين عليه السلام ، فدققت عليه الباب ، فخرج وهو يقول : ما دهاك يا سلمان ؟ قال : قلت : هلك دين محمد وهلك الإسلام بعد محمد وظهر أهل الكفر على دينه وأصحابه بالحجة ، فأدرك يا أمير المؤمنين دين محمد والقوم قد ورد عليهم ما لا طاقة لهم به ولا بد ولا حيلة ، وأنت اليوم مفرج كربها وكاشف بلويها وصاحب ميسمها وتاجها ومصباح ظلمها ومفتاح مبهمها ، قال : فقال علي عليه السلام : وما ذاك ؟ قال : قلت : قد قدم قوم من ملك الروم في مأة رجل من أشراف قومهم يقدمهم جاثليق ( لهم ) [2] ، لم أر مثله ، يورد الكلام على معانيه ويصرفه على تأويله ويؤكد حجته ويحكم ابتدائه ، لم أسمع مثل حججه [3] ولا سرعة جوابه من كنوز علمه ، فأتى أبا بكر وهو في جماعة فسأله عن مقامه ووصية رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأبطل دعويهم بالخلافة وغلبهم بادعائهم تخليفهم مقامه ، فأورد على أبي بكر مسألة أخرجه بها عن إيمانه وألزمه الكفر والشك في دينه ، فعلتهم لذلك ذلة وخضوع وحيرة ، فأدرك يا أمير المؤمنين دين محمد صلى الله عليه وآله فقد ورد عليهم ما لا طاقة به ، فنهض أمير المؤمنين عليه السلام معي حتى أتينا القوم وقد ألبسوا الذلة والمهانة والصغار والحيرة ، فسلم علي عليه السلام ثم جلس فقال : يا نصراني ! أقبل علي بوجهك واقصدني بحجتك فعندي جواب ما يحتاج الناس إليه فيما يأتون ويذرون وبالله التوفيق . قال : فتحول النصراني إليه فقال : يا شاب ! إنا وجدنا في كتاب
[1] في البحار : أكثر . [2] زيادة من البحار . [3] في الإرشاد : حجته .