لم يتمالك أن يرمي [1] بنفسه عن بعيره إلى الأرض ، ثم أقبل يسعى نحو النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمسح بردائه الدموع عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول : ما الذي أبكاك ، لا أبكى الله عينيك ، يا حبيب الله ! هو نزل في أمتك شئ من السماء ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي ! ما نزل فيهم إلا خير ، ولكن هذا الأعرابي حدثني عن رجال خثعم بأنهم قد عبؤوا كتائبهم وخفقت الرايات فوق رؤوسهم ، يكذبون قولي ويزعمون بأنهم لا يعرفون ربي ، يقدمهم الحارث بن مكيدة الخثعمي في خمسمأة من رجال خثعم يتألون باللات والعزى لا يرجعون حتى يردوا المدينة فيقتلوني ومن معي ، وإني قلت لأصحابي : من منكم يخرج إلى هؤلاء القوم من قبل أن يطؤونا في ديارنا وحريمنا لعل الله أن يفتح على يديه وأضمن له على الله اثنى عشر قصرا في الجنة ؟ فقال علي ( عليه السلام ) : فداك أبي وأمي يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، صف لي هذه القصور ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي ! بناء هذه القصور لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، ملاطها [2] المسك الأذفر والعنبر ، حصائها الدر والياقوت ، ترابها الزعفران ، وكثيبها الكافور ، في صحن كل قصر من هذه القصور أربعة أنهار : نهر من عسل ، ونهر من خمر ، ونهر من لبن ، ونهر من ماء ، محفوف بالأشجار من المرجان ، على حافتي كل نهر من هذه الأنهار خيمة [3] من درة بيضاء لا قطع فيها ولا فصل ، قال لها : كوني ، فكانت يرى باطنها من ظاهرها ، وظاهرها من باطنها ، في كل خيمة سرير مفضض بالياقوت الأحمر ، قوائمها من زبرجد الأخضر [4] ، على كل
[1] في الأصل : ان رمى . [2] بالكسر ، الطين الذي يجعل بين سافل البناء ( منه ) . [3] في المصدر : والمرجان على حافتي كل نهر من هذه الأنهار وخلق فيها خيمة . [4] في المصدر : قوائمه من الزبرجد الأخضر .