فنظرت ولم أر شيئا في الأرض وإذا أنا أسمع أصوات التسبيح والتهليل ، فقلت : يا أمير المؤمنين ! الله أكبر إن هيهنا لبلاد [1] قد وصلنا إليها ؟ فقال : يا سلمان ! هذه أصوات الملائكة بالتسبيح والتهليل ، وهذه هي السماء الدنيا فقد وصلنا إليها ، فأشار إلى البغلتين وحرك شفتيه ، فانحطتا طائرتين نحو الأرض فكان وقوعهما على بحر عريض كثير الأمواج كأن أمواجه الجبال ، فنظر إلى ذلك البحر مولينا أمير المؤمنين ، فسكنت أمواجه ، فنزل عليه السلام ومشى على وجه الماء ونزلت أنا ، والبغلتان تمشيان خلفنا ، فلما خرجنا من ذلك البحر فإذا هو تتلاطم أمواجه كهيئة الأولى ، فقلت : ( سيدي ) يا أمير المؤمنين ! ما هذا البحر ؟ فقال عليه السلام : هذا ( هو ) البحر الذي أغرق الله فيه فرعون وقومه ، فهو يضطرب خوفا من الله تعالى من ذلك اليوم إلى يوم القيامة ، فلما نظرت إليه خاف مني فسكن وها هو رجع إلى حالته الأولى ، قال سلمان : فلما خرجنا من ذلك البحر ومشينا رأيت جدارا أبيضا مرتفعا في الهواء ، ليس يدرك أوله ولا آخره ، فلما قربنا إليه وإذا هو جدار من ياقوت أو نحوه فإذا بباب عظيم ، فلما دنى منه أمير المؤمنين عليه السلام انفتح ، فدخلنا فرأيت أشجارا وأنهارا وبيوتا ومنازل علية فوقها غرف ، وإذا في تلك البستان أنهار من خمر وأنهار من لبن وأنهار من عسل ، وإذا فيها أولاد وبنات ، وكلما وصفه الله تعالى في الجنة ( 1 ) على لسان نبيه صلى الله عليه وآله رأيته فيها ، فرأيت أولادا وبناتا أقبلوا إلى أمير المؤمنين ، يقبلون أياديه وأقدامه ، فجلس على كرسي ووقف الأولاد والبنات حوله ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ! ما هذا الهجران الذي هجرتنا ، هذه سبعة أيام ما رأيناك فيها يا أمير المؤمنين ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ! ما هذه المنازل في هذا المكان ؟ فقال ( عليه السلام ) : يا سلمان ! هذه منازل شيعتنا بعد الموت ، تريد يا سلمان أن تنظر إلى منزلك ؟ فقلت : نعم ، فأمر واحدا وأخذ بي ( 2 ) إلى منزل عال مبني من الياقوت والزبرجد
[1] في الأصل : بلادا ، بالجنة . ( 2 ) في المصدر : وأخذني .