سلمان : فهرولت إلى منزل فاطمة عليها السلام بنت محمد . . . فلما نظرت إلي اعتجرت [2] ثم قالت : يا سلمان ! جفوتني بعد وفاة أبي ! قلت : حبيبتي لم أجفكم ؟ قالت : ( فمه 3 ، ) اجلس واعقل ما أقول لك : إني كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق ، وأنا أتفكر في انقطاع الوحي عنا وانصراف الملائكة عن منزلنا ، فإذا ( أنا أتفكر إذا ) انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد ، فدخل علي ثلاث جوار لم ير الرائون بحسنهن ولا كهيئتهن ولا نضارة وجوههن ، ولا أزكى من ريحهن ، لما رأيتهن قمت إليهن مستنكرة [4] لهن فقلت : ( بأبي أنتن ) من هل مكة أم من أهل المدينة ؟ فقلن : يا بنت محمد ! لسنا من أهل مكة ولا من أهل المدينة ، ولا من أهل الأرض جميعا ، غير أننا ( جوار من ال ) حور العين من دار السلام ، أرسلنا رب العالمين [5] إليك ، يا بنت ( محمد ) ! أنا إليك مشتاقات ، فقلت للتي أظن أنها أكبر سنا : ما اسمك ؟ قالت : اسمي مقدودة ، قلت : ولم سميت مقدودة ؟ قالت : خلقت للمقداد بن الأسود الكندي صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقلت للثانية : ما اسمك ؟ قالت : ذرة ، قلت : ولم سميت ذره وأنت في عيني نبيلة [6] ؟ قالت : خلقت لأبي ذر الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقلت للثالثة : ما اسمك ؟ قالت : سلمى ، قالت : ولم سميت سلمى ؟ قالت : ( خلقت ) ( أنا ) لسلمان الفارسي مولى أبيك ( رسول الله صلى الله عليه وآله ) ، قالت فاطمة : ثم أخرجن إلي [7] رطبا أزرق كأمثال الخشكنانج [8] الكبار
[2] الاعتجار : لف العمامة على الرأس . ( 3 ) أي فما السبب في ترك زيارتنا ، أو اسكت . [4] التغير في الوجه للاستيحاش والكراهة . [5] في المصدر : رب العزة . [6] لما كانت الذرة موضوعة للصغيرة من النملة ، قالت عليها السلام : أنت مع نبلك وشرفك لم سميت باسم يدل على الحقارة ( البحار ) . [7] في المصدر : أخرجن لي . [8] الخشكنانج : معرب خشكنانه وهو الخبز السكري الذي يختبز مع الفستق واللوز .