أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال عليه السلام : كلا ، إنكم مؤمنين ولكن لا تكملون إيمانكم حتى يخرج قائمنا ، فعندها يجمع الله أحلامكم ، فتكونون مؤمنين كاملين ، ولو لم يكن في الأرض مؤمنين كاملين إذا لرفعنا الله إليه ، وأنكرتم الأرض وأنكرتم السماء ، بل والذي نفسي بيده إن في الأرض في أطرافها مؤمنين ما قد الدنيا كلها عندهم يعدل جناح بعوضة ، ولو أن الدنيا بجميع ما فيها وعليها ذهبة حمراء على عنق أحدهم ، ثم سقط عن [1] عنقه ما شعر بها أي شئ كان على عنقه ، ولا أي شئ سقط عنه ( 1 ) لهوانها عليهم ، فهم الحفى عيشهم ، المنتقلة ديارهم من أرض إلى أرض ، الخميصة بطونهم من الصيام ، الذبلة شفاههم من التسبيح ، العمش العيون من البكاء ، الصفر الوجوه من السهر ، فذلك سيماهم مثلا ضربه الله في الإنجيل لهم ، وفي التوراة والفرقان والزبور وصحف الأولى ( 2 ) وصفهم فقال : ( سماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ) ( 3 ) ، عنى بذلك صفرة وجوههم من سهر الليل ، هم البررة بالإخوان في حال اليسر والعسر ، والمؤثرون على أنفسهم في حال العسر ، كذلك وصفهم الله فقال : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) ( 4 ) ، فازوا والله وأفلحوا ، إن رأوا مؤمنا أكرموه ، وإن رأوا منافقا هجروه ، إذا جنهم الليل اتخذوا أرض الله فراشا ، والتراب وسادا ، واستقبلوا بجباههم الأرض ، يتضرعون إلى ربهم في فكاك رقابهم من النار ، فإذا أصبحوا اختلطوا بالناس ، لم يشار إليهم بالأصابع ، تنكبوا الطرق ، واتخذوا الماء طيبا وطهورا ، أنفسهم متعوبة ، وأبدانهم مكدودة ، والناس منهم في راحة ، فهم عند الناس شرار الخلق ، وعند الله خيار الخلق ، إن حدثوا لم يصدقوا ، وإن خطبوا لم يزوجوا ، وإن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفقدوا ، قلوبهم خائفة وجلة من الله ، ألسنتهم
[1] في المصدر : سقط من ، سقط منه . ( 2 ) في المصدر : الصحف الأولى . ( 3 ) الفتح : 29 . ( 4 ) الحشر : 9 .