أما الأول : فقد عرفت صفة خروجه وعاقبة أمره . وأما الثاني : فمحصل الأخبار : أنه يبعث إلى العراق مأة وثلاثين ألفا ، أو سبعين ألفا ، وبنو العباس في عنفوان من الملك وغضارة من العيش ، وأمير الناس جبار عنيد يقال له : الكاهن الساحر ، ويمر جيشه بقرقيساء - بالكسر ، لد بالفرات - ويقع فيها بينهم وبين ولد العباس حرب عظيم ، يشيب فيه الغلام ، فيقتلون من الجبارين من بني العباس مأة ألف ، فتصير القتلى مأدبة [1] أو مائدة لله تعالى . فيطلع مطلع من السماء فينادي : يا طير السماء ويا سباع الأرض ، أو يوحى إليهم : هلموا إلى الشبع من لحوم الجبارين ، ثم يمر الجيش ببغداد ، فيخرج إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة ، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويقتلون ثلاثمأة كبش من بني العباس ، أو يقتل على جسر سبعون ألفا حتى نحمي الناس ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد ، ثم يمر الجيش بالكوفة ، أو يسير منهم ستون ألفا حتى ينزلون موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة - وهي على فرسخين من الكوفة - فيخربون ما حولها ويستعبد بعض أهلها ولا يدعون أحدا إلا قتلوه ، حتى إن الرجل منهم ليمر بالدرة المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها ، ويمر على الصبي الصغير فيلحقه ويقتله ، ويسبي منها سبعون ألف بكر ، لا يكشف عنها كف ولا قناع حتى يوضعن في المجامل ، ويذهب بهن إلى الثوية - موضع قبر كميل وبعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام - ، ونادى منادي أهل الجيش : من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم ، فيثب الجار على جاره ويقول : هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف ( درهم ) ، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام ومعهم السبايا والغنائم ، فيخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم ، لا يفلت منهم مخبر ، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم [2] .
[1] المأدبة : طعام الذي يصنعه الرجل ويدعو الناس إليه . [2] من أراد التفصيل فليراجع البحار 52 : 75 - 235 ، غيبة النعماني ، غيبة الطوسي : 85 - 265 .