أقول : الظاهر بقرينة الراوي والمروي عنه والإمام عليه السلام اتحاد المتن ، فيتعين التحريف في آخر أحدهما ، ولعله في الثاني أولى ، وإن أمكن التوجيه بما يأتي في باب سيرة سلمان بعد النبي صلى الله عليه وآله وما صبت عليه وعلى أقرانه من المصائب : إنه عرض في قلب كلهم شئ إلا مقداد ، فإن قلبه كان كزبر الحديد [1] ، فكان أصبر منهم ، وذلك لا ينافي أفضلية سلمان منهم ، كما مضى ويأتي إن شاء الله . وعنه رحمه الله فيه عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن إدريس ، عن عمران بن موسى ، ( عن موسى ) بن جعفر البغدادي ، عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن عيسى بن حمزة قال : ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الحديث الذي جاء في الأربعة ، قال : وما هو ؟ قلت : الأربعة التي اشتاقت إليهم الجنة ، قال : نعم ، منهم سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار ، قلت : فأيهم أفضل ؟ قال : سلمان ، ثم أطرق ، ثم قال : علم سلمان علما لو علمه أبو ذر كفر . ) [2] وروى رحمه الله عن محمد بن مسعود ، قال : حدثني محمد بن يزداد الرازي ، عن محمد بن علي الحداد ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : ( ذكرت التقية يوما عند علي عليه السلام فقال : لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ، وقد آخا رسول الله بينهما ، فما ظنك بسائر الخلق ) [3] ، ورواه في البصائر والكافي [4] بأبسط من ذلك وقد تقدم في الباب الثاني . ثم إن المقصود من تلك الأخبار واضح بعد ما عرفت إن للإيمان - ونعني به هنا التصديق التام الخالص بالله وبرسوله والأئمة الأطهار عليهم صلوات الله الملك الجبار - ولمعرفتهم مراتب ودرجات ، ولكل مرتبة ودرجة أحكام وحدود مختصة بها ما دام صاحبها فيها ولم يترق إلى ما فوقها ، فإذا أخذ بالحظ الوافر والنصيب المتكاثر انقلب أحكامه وتكاليفه ، كما انشرح صدره
[1] الإختصاص : 11 . [2] الإختصاص : 12 . [3] إختيار معرفة الرجال : 17 ، وفيه : ( إن علم أبو ذر ( إن لو علم خ ل ) ) . [4] بصائر الدرجات : 45 . الكافي 1 : 401 .