النفس ، فهو يقابل السباب بالأدب ، والتعدي بالرفق ، والظلم بالعدل والانصاف . ومن قواعد البحث : أن ينقل المخاصم كلام خصمه حول المسألة المبحوث عنها ، من دون زيادة أو نقصان ، وبكل دقة وأمانة ، فإذا انتهى من إيراد كلامه بجميع جوانبه على أحسن ما يرام ، وقرره أتقن تقرير ، شرع في جوابه وبيان مواضع الاشكال والنظر فيه . . ليكون البحث بحثا موضوعيا نزيها ينير الدرب للأجيال ، ويوقفهم على ما يقوله الطرفان ، فيستمعون إليه وينظرون فيه فيتبعون أحسنه . . . وكذلك فعل علماء الشيعة في بحوثهم . . وصاحب العبقات . . فإنه يصدر بحثه بعد خطبة الكتاب بنص عبارة الدهلوي صاحب التحفة الاثني عشرية ، فينقلها كاملة غير منقوصة ولا مبتورة ، بل يتعرض لما أضافه الدهلوي في هامش كلامه من نفسه أو نقلا عن غيره ، من دليل وحجة ، أو توضيح وبيان . . . ثم يأخذ رحمه الله في إبطاله وتفنيده ، بالأساليب المختلفة ، من نقض أو معارضة أو جواب حلي . . . لكن القوم لم يلتزموا بهذه القاعدة . . فترى الدهلوي يريد الجواب عن الاستدلال بحديث الثقلين : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا " لا يتطرق إلى وجه استدلال الشيعة بهذا الحديث أصلا . وفي حديث النور : " خلقت أنا وعلي من نور واحد " يقول : " لا دلالة لهذا الحديث على ما يدعيه الإمامية " ولكن أين وجه الاستدلال به على ما يدعونه ؟ ويقول بالنسبة إلى حديث السفينة : " مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق " يقول : " لا يدل إلا على الفلاح والهداية الحاصلين من حبهم والناشئين من اتباعهم ، وإن التخلف عن حبهم موجب للهلاك " . . فهذا صحيح . . ولكن كيف يستدل به الشيعة على الإمامة والخلافة ؟