نام کتاب : نظريات الخليفتين نویسنده : الشيخ نجاح الطائي جلد : 1 صفحه : 323
عثمان لم تأت بطريق الصدفة ، بل جاءت أثر تحالفات قبلية قرشية غايتها السيطرة على خلافة المسلمين . فبعد فتح مكة في السنة الثامنة هجرية تبلورت تدريجيا فكرة تأسيس الحزب القرشي ، الهادف للسيطرة على الخلافة لصالح قبائل قريش . وكما هو شأن أي حزب في التعصب لأفكاره ، وأهدافه ، وأشخاصه ، ونبذ أفكار وأهداف وأشخاص التجمعات الأخرى ، كذلك كان الحزب القرشي . وفعلا كان أفراد الحزب القريشي أوفياء لمبدأ توزيع السلطة على قبائل قريش ، فكان المرسوم أولا خلافة أبي بكر ثم عمر ثم ابن الجراح ، أي خلافة تيم ثم عدي ثم فهر . ولكن حصل تعديل في الخطة بحذف ابن الجراح ليحل محله عثمان الأموي ليتبعه ابن عوف من بني زهرة . وكانت أم المؤمنين عائشة ركنا مهما في هذا الحزب ، لفعاليتها الدائمة ، وقدراتها الشخصية القوية . وبالرغم من عدم إعلان الحزب عن نفسه ، إلا أن الشواهد كلها تؤيد تأسيسه ، وعمله في الأحداث الخطيرة ، قبل وبعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) . ولأن معظم قيادة هذا الحزب كانت من قريش ، فقد غلب عليه طابع التجمع القرشي . وكان أهالي قريش هم المؤسسون الأوائل لهذا الحزب ، وعقله المفكر وقيادته الأساسية . وفي زمن الخليفة أبي بكر برز نجم عثمان بن عفان في قيادة الحزب ، ممثلا لبني أمية ومدعوما من قبل أبي سفيان وقريش ، حتى بلغ الأمر به أن كتب وصية أبي بكر لعمر بن الخطاب وأصبح معاوية واليا على الشام . ولما أقطع أبو بكر أرضا للأقرع بن حابس والزبرقان وكتب لهما كتابا ، قال عثمان : أشهدا عمر ، فإنه أحرز لأمركما ، وهو الخليفة بعده ، فأتيا عمر فقال : من كتب لكما هذا الكتاب ؟ قالا : أبا بكر [1] .