كونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق إليكم التالي [1] . كما عاصر الباقر أبو هاشم بن محمد بن الحنفية وشاهد ما أحاطه من حركات غلو وظهور دعوة له تخرج الإمامة من أولاد الحسين [2] . وهكذا شغل الباقر بالعلم وترك الخروج على السلطان [3] . ثم ورث الإمامة بعده ابنه جعفر بن محمد الصادق . وقد ظهر الصادق في فترة من أصعب وأدق الفترات التاريخية ( 83 ه 148 ه ) [4] ، فقد عاصر الصادق أواخر الدولة الأموية وأوائل الدولة العباسية ، وثار في أيامه عمه زيد بن علي بن الحسين سنة 122 ه وقد أدت هذه الثورة غلى خروج جماعة من الشيعة كانت تقول بإمامة جعفر بن محمد الصادق فقالت بإمامة زيد وظهر خط جديد من الشيعة هم الزيدية [5] . وشاهد بداية الدعوة العباسية وظهور جماعة تدعو لآل العباس وتخرج الخلافة من أولاد علي إلى أولاد العباس [6] . ثم كان هناك أبناء عمه الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الذين مالوا إلى رأي الزيدية ورأوا الخروج على السلطان [7] . ولكن الصادق اعتزل كل هذه الأحداث وشغل بالعبادة عن طلب الرئاسة [8] . ويذكر الأصبهاني الصادق ويقول : ومنهم الإمام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، أقبل على العبادة والخضوع وآثر العزلة والخشوع ونهى عن الرئاسة والجموع [9] .
[1] الكليني : الكافي ج 1 ص 36 ( الأصول ) . [2] انظر الفصل الثالث باب الدعوة العباسية . [3] انظر الشيبي : الصلة بين التشيع والتصوف ج 1 ص 169 - 177 . [4] ابن طولون : الأئمة الاثني عشر ص 85 . [5] انظر بداية هذا الفصل . [6] انظر الفصل الثالث باب الدعوة العباسية . [7] انظر القسم الأول من هذا الفصل . [8] سبط ابن الجوزي : تذكرة الخواص ص 192 . [9] الأصبهاني : حلية الأولياء ج 3 ص 192 .