طليعيا من طلائع الفتح الإسلامي وركنا من أركان تثبيت قواعد الحق والإيمان . لا نشك في أن موقف سمية هذا البطولي الفريد ، قد أعطى زوجها وابنها ثباتا وعزما استطاعا به أن يحتملا العذاب وأن يقفا في وجه سادة قريش ، وأن يذلا كبرياءهم وينزلا بهم تلك الهزيمة الفاضحة . نعم من هذين الأبوين ولد عمار ومعهما تعذب وناله ما نالها من الآلام والاضطهاد ، وعلى درب أبويه سار في طريقه الجهادي المبارك ، قد عذبته قريش وتفننت في تعذيبه كانوا يخرجون عمارا وأباه وأمه إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء يعذبونهم بحرها فيمر بهم النبي ( ص ) : ولم يكن لهذا النبي الرؤوف الرحيم في موقفه من أسباب الدفاع إلا أن يجأر إلى ربه بالدعاء ويرفع يديه إلى السماء ويقول : ( صبرا يا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ، اللهم لا تعذب أحدا من آل ياسر بالنار ) [1] فمات ياسر من العذاب وكذلك امرأته سمية فكانت أول شهيدة في الإسلام ، وأما عمار فشددوا العذاب عليه بالحر تارة وبوضع الصخر على صدره أخرى وبالتغريق ثالثة . . وهكذا . ويشاء الله أن ينجو الابن عمار ليكمل شوط الجهاد المقدس فكان رفيق النبوة في كل غزواتها لقد شهدها كلها لم يتخلف عن واحدة منها حبا لله وجهادا في سبيله ، قال ابن عباس كما في ( الواحدي ) : إن المشركين أخذوا عمارا وأباه ياسرا وأمه سمية وصهيبا وبلالا وخبابا وسالما ، فأما سمية فإنها ربطت بين بعيرين و . . . وقتل زوجها ياسر وهما أول قتيلين قتلا في الإسلام وأما عمار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها فأخبر بأن
[1] مناقب الخوارزمي . ( 2 ) ابن الأثير في ( تأريخه ) : ص 67 .