نام کتاب : موسوعة العقائد الإسلامية نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 44
أُخراهما : أنّ الإمام - قبل أن يتعرّض بالحديث لمجتمعه المعاصر - استهلّ كلامه بتنبيه كُميل إلى استعداد القلوب وسعتها للوعي ، وأنّ من الناس من لهم هذا الاستعداد ، ومنهم من ليس لهم ذلك ، وأنّ الفضل على قدر هذا الاستعداد . فيتّضح أنّ الإمام لم ير مناسبة للتصريح بهذا الكلام الموجع لكلّ أحد ، فاستماع هذا الكلام يحتاج إلى استعداد لا يتوفّر في الجميع ، وإلاّ فكيف يتكلّم الإمام عن عدد المسلمين الصادقين ، أُولئك الذين عرفوا الإسلام حقّ المعرفة وظلّوا أوفياء له ؟ ! وكيف يقول بأنّ أفراداً - مع ما لهم من تلك السابقة المشرقة في الإسلام - قد ودّعوا الاسلام لمجرّد أن هدَّد الخطر مصالحهم الشخصية ؟ ! وكيف يقول بأنّ الكثيرين من أهل زمانه ممّن جذبتهم تنظيمات الشخصيّات البارزة في المجتمع باسم الإسلام ليسوا مسلمين ؟ ! ولم يفهموا الإسلام ، ودينهم معلّق بالشخصيّات التِي اعتقدوا بها واتّخذوها معياراً للحقّ والباطل . وعلى أيّ حال ، فالتحليل المُفعم بالألم والذي كان يبوح به الإمام علي ( عليه السلام ) إلى كميل كونه يعي شكوى الإمام من مجتمعه المعاصر آنذاك يبدأ من قوله : النّاسُ ثَلاثَةٌ : فَعالِمٌ رَبّانِيٌّ ، ومُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجاة ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أتباعُ كُلِّ ناعِق ، يَمِيلونَ مَعَ كُلِّ ريح ، لَم يَستَضيئوا بِنورِ عِلم ، ولَم يَلجَأُوا إِلى رُكن وَثيق . ( 1 ) فالإمام ( عليه السلام ) في هذا الكلام يقسّم الناس في مجتمعه أو مطلق الناس إلى ثلاث مجموعات : المجموعة الأُولى : وهم من عرفوا الحقيقة ، فعقيدتهم وعملهم ومواقِفهم الفردية والاجتماعية على أساس المعايير الصحيحة ، وهم من عبّر الإمام عنهم
1 . راجع : ج 2 ص 42 ح 1413 .
44
نام کتاب : موسوعة العقائد الإسلامية نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 44