نام کتاب : موسوعة العقائد الإسلامية نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 178
هذين العنصرين في وجود الإنسان . قال الإمام عليّ ( عليه السلام ) في بيانه لهذا التركيب : " إنَّ اللهَ عزّ وجلّ رَكَّبَ فِي المَلائِكَةِ عَقلاً بِلا شَهوَة ، ورَكَّبَ فِي البَهائِمِ شَهوَةً بِلا عَقل ، ورَكَّبَ في بَني آدَمَ كِلَيهِما " . ( 1 ) لقد سُمّي عنصر الجهل في هذا الحديث " شهوة " ؛ فللملائكة عقل فحسب ، وللبهائم عنصر الشهوة فحسب ، فالملائكة عقل محض ، والبهائم جهل محض ، في حين ينطوي كيان الإنسان على مزيج مركّب من العقل والجهل ، أو العقل والشهوة ، أو العقل والنفس الأمّارة . 4 . الحكمة من تركيب العقل والجهل إنّ أهمّ قضيّة تتعلّق بخلق العقل والجهل هي الحكمة الكامنة وراء مزج هذين العنصرين المتضادّين ، ولماذا أودع الله الحكيم في كيان الإنسان النفس الأمّارة ؟ ولماذا خلق له شهوة تدفع به نحو حضيض الجاهليّة ؟ ولماذا لم يخلقه كالملائكة ، مجرّد عقل بلا شهوة لكي لا يحوم حول الرذائل ؟ الجواب على ذلك : هو أنّ الخالق الحكيم أراد أن يخلق كائنًا له قدرة على الاختيار ، فالحكمة والسرّ الكامن وراء هذا التركيب الممزوج من العقل والجهل في الإنسان هو خلق موجود حرّ له قدرة على الاختيار . فالملائكة بما أنّهم مجرّدون من الشهوة يمتنع صدور القبيح منهم ( 2 ) ، ولهذا لا يمكنهم اختيار طريق آخر غير ما يأمر به العقل . وكذلك البهائم ؛ فبما أنّها مجرّدة من العقل فهي غير قادرة على اختيار طريق غير الطريق الذي تدعوها إليه شهوتها .