فاتضح لك أن أسباب منع تدوين الحديث ، اختلفت بين فترة وأخرى : إذ كان المنع في العصر الإسلامي الأول - على عهد الشيخين - لسد العجز الفقهي عند الخليفة وتحكيم ركائز حكمهم ودفع خصمهم . وأما في العهد الثاني فجاء لتحكيم ما سن على عهد الشيخين وعدم الأخذ بغيرهما . وأما في العهد الأموي فكان بشكل مفضوح ، للمخالفة مع علي بن أبي طالب وأهل بيته . وقد فصلنا الحديث عن هذه المراحل وغيرها في كتابنا المزبور ، فمن شاء المزيد فليراجعه . وبعد هذا ، فلا يمكن حصر سبب منع تدوين الحديث في المخالفة مع فضائل أهل البيت في جميع العصور بعد ما عرفت احتياجات العهود الثلاثة السابقة . بعد هذا التلخيص نأتي لنستلهم من هذا البحث العلمي موضوعا مهما ، ألا وهو تقييم السنة عند الفريقين " الشيعة الإمامية وأهل السنة والجماعة " ، إذ السنة النبوية قد مرت عند أهل السنة والجماعة بمراحل : 1 - مرحلة منع تدوين حديث رسول الله . 2 - مرحلة تشريع اجتهاد الصحابي ، أي : سيرة الشيخين أولا ثم تطويرها إلى تحكيم اجتهادات جميع الصحابة و . . . 3 - جمع موقوفات الصحابة مع مرفوعات الرسول في مدونات ، وذلك على عهد المروانيين ، الذين كان زمانهم أشد الأزمنة عداوة لأهل البيت ، وهذا يعني أنهم منعوا تدوين حديث رسول الله ، ثم شرعوا الرأي في دائرة الفراغ ، ثم