responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منع تدوين الحديث نویسنده : السيد علي الشهرستاني    جلد : 1  صفحه : 30


الرسول جمعا ليس لهم قدرة الكتابة بقوله : " لا تكتبوا " .
وقد ثبت في التاريخ وجود كتاب ، كزيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي بكر بن عمرو بن حزم وغيرهم ، ونحن قد أوصلنا عدد هؤلاء الكتبة في كتابنا وضوء النبي المجلد الثاني إلى 54 شخصا ، وعليه فالكتابة كانت موجودة عند العرب ، ويضاف إليه وجود نيف وثلاثين كاتبا - وفي آخر أربعين كاتبا - للرسول يحسنون الكتابة ، وقد كتبوا إلى الرؤساء والملوك ، وأن الإسلام كان يدعو إلى الكتابة وتعلمها .
إذن ، الكتابة كانت في حالة ازدياد ، فلا يمكن عزو إهمال الحديث إلى قلة الكتاب ، لأن الكتبة كانوا في حالة ازدياد لا نقصان !
أما ندر أدوات الكتابة ، فهو الآخر لم يكن بالشئ القليل ، فالذين كتبوا ودونوا القرآن كان يمكنهم أن يكتبوا الحديث في تلك الأدوات التي كتبوا فيها القرآن ، كالعسب والقتاب والأكتاف وقطع الأديم وما شابه ذلك .
وبهذا فقد عرفنا عدم إمكان قبول تعليل ابن قتيبة وابن حجر .
ونحن نترك الكلام عن الأسباب الأخرى ( 1 ) من أجل ضيق الوقت ، ونكتفي بالإشارة إلى ما قاله غالب كتاب الشيعة وما توصلنا إليه .


1 - لما قرر المركز طبع هذه المحاضرة رأينا من الضروري أن نطلب من سماحة السيد الإشارة إلى الأسباب الأخرى التي تركها لضيق الوقت مختصرا ، ليتكامل البحث ولا يحس المطالع بالإخلال فيه ، فقال : السبب الرابع : ما ذهب إليه السمعاني والقاضي عياض قال السمعاني : كانوا يكرهون الكتابة أيضا ، لكي لا يعتمد العالم على الكتاب ، بل بحفظه . . . فلما طالت الأسانيد وقصرت الهمم رخصت الكتابة . وقال مثله القاضي عياض في ( الإلماع في أصول الرواية وتقييد السماع ) . أما الشيخ أبو زهو والشيخ عبد الخالق عبد الغني فقد أرجعا الأمر ونسباه إلى رسول الله وقالا : إن رسول الله - وحفاظا على ملكة الحفظ عند العرب - نهاهم عن الكتابة ، لأنهم لو كتبوا لا تكلوا على المكتوب وأهملوا الحفظ فتضيع ملكاتهم بمرور الزمن [ الحديث والمحدثون : 123 ، حجية السنة : 428 ] . وهذا الكلام باطل صغرى وكبرى : أما الصغرى ، فلوجود عدة من الصحابة لا يملكون هذه المقدرة ، كما جاء عن المتشددين في الحديث الذين لا يرتضون التحديث ، أمثال سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، خوفا من أن يزيدوا أو ينقصوا . وجاء عن زيد قوله : كبرنا ونسينا والحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شديد ، وهذه النصوص تؤكد لنا سقم المدعى . ويضاف إليه أنه جاء عن عمر أنه حفظ سورة البقرة في اثني عشر عاما ولما حفظها نحر جزورا [ الدر المنثور 1 / 21 ، سيرة عمر لابن الوزي : 165 ] ، وهذا لا يتفق مع ما قيل عن ملكة الحفظ عند العربي ، ولو صح هذا لما أتى أصحاب الجرح والتعديل بأسماء الذين خلطوا من الصحابة . وقال الأستاذ يوسف العشي : فذاكرة أكثر الناس أضعف من أن تتناول مادة العلم بأجمعه فتحفظها من الضياع وتقيها من الشرود ، ومهما قويت عند أناس فلا بد أن تهون عند آخرين فتخونهم وتضعف معارفهم [ مقدمة تقييد العلم : 8 ] . إذن ، ما قيل عن حافظة العربي لا يتفق مع هذه الأقوال ، وخصوصا حينما نقف على كلام الإمام علي ( عليه السلام ) في نهج البلاغة وعند إشارته إلى أسباب اختلاف النقل عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : " ورجل سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا . . . " . وأما الكبرى ، فالملائكة هم أكمل من بني الإنسان وأقدر منه على الحفظ ، فلم يكلفهم عز وجل بالكتابة ويقول : ( كراما كاتبين ) [ الانفطار : 11 ] ؟ ولو كان للحفظ هذه المنزلة فلماذا لا نجد معشار الآيات التي نزلت في الكتابة قد نزلت في الحفظ ؟ ولو كان الحفظ واجبا لكانت الكتابة منهيا عنها ومحرمة ، فلماذا نراهم يدونون القرآن ولا يدونون الحديث ؟ ولو صح هذا التعليل فلماذا يكون حكرا على العرب ؟ وكيف يفعل الفرس والأتراك لو أرادوا التدوين ؟ ألم تكن الشريعة عامة للجميع ؟ وماذا نفعل بقوة الحافظة لو مات الصحابي الحافظ إن لم نسجل كلامه ؟ ألا يعني هذا أن منع التدوين بدافع المحافظة على الحديث أشبه شئ بالتناقض ؟ وكيف يتصور أن يحث المعلم تلاميذه على العلم ويحرضهم على صون محفوظاتهم من النسيان ثم يوصيهم ألا يدونونها ولا يتدارسونها ؟ أليس صون العلم والمحافظة عليه بالكتابة والتدوين أولى وأجدى من حفظه واستظهاره ؟ ولو كان ما كتب قر وما حفظ فر فلم التأكيد على حفظ الحديث وتجويزه من قبل الحفاظ والقول أن منع الكتابة جاء للمحافظة على الذاكرة ؟ ! السبب الخامس : ما ذهب إليه الخطيب البغدادي وابن عبد البر وملخصه هو أن الخليفة فعل ذلك احتياطا للدين وخوفا من أن يعملوا بالاخبار على ظاهرها والحديث فيه المجمل والمفصل ، فخشي عمر أن يحمل الحديث على غير وجهه أو يؤخذ بظاهر لفظه [ شرف أصحاب الحديث : 97 - 98 ، السنة قبل التدوين : 106 ] . ويجاب عليه : هل الخليفة أحرص من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على دين الله ؟ وما معنى خوفه واحتياطه ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : " حدث ولا حرج " ، وفي آخر : " اكتبوا ولا حرج " ؟ فكيف يحتاط الخليفة ولا يحتاط أبو ذر الغفاري الذي قال عنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء عن ذي لهجة أصدق من أبي ذر " ؟ وكيف برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يرسل الصحابة إلى القبائل والمدن المبشرين والمنذرين والخليفة يجمع الصحابة من أمثال أبي ذر وابن مسعود وأبو مسعود عنده وينهاهم من التحديث ؟ وكيف نرفع هذه الازدواجية ؟ وهل جاء هذا حرصا على الإسلام والمسلمين ؟ وما معنى قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " رحم الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فبلغها عني فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " ؟ ألم يعن أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سمح بنقل قوله على ما هو عليه إلى من هو أفقه منه ؟ ولو لاحظت سيرة الخليفة لرأيته لا يحتاط ، فقد أخذ برداء رسول الله حين صلاته على المنافق ثم ندم ، واقترح على الرسول في الحكم بن كيسان أن يضرب عنقه لأنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أطال في وعظه ولم يفد ثم ندم لإسلام الحكم وحسن إسلامه وشهادته في آخر الأمر [ طبقات ابن سعد 4 / 137 ] . والاحتياط يخالف التسرع والاجتهاد ، وقد ثبت عن الخليفة أنه كان يجتهد ، والعجيب أنهم يدعون أن المنع جاء احتياطا للدين ، ويفوت عليهم أن منع المنع هو الاحتياط ، لأن المنع معناه الضياع ، أما التحديث وإن كان عرضة للخطأ والتصحيف لكنه أعود على المسلمين من بقائهم في الجهل وعدم المعرفة . ولو كان فعل عمر هو الاحتياط في الدين فلم لم يعمل بمشورة الصحابة حينما ذهبوا إلى تدوين السنة ؟ نعم انفرد برأيه وأحرق المدونات ومنع من التدوين وهو عين الاجتهاد ؟ ! إن الاحتياط في أن يوافق الخليفة رأي أكثر الصحابة ، لقوله تعالى : ( وأمرهم شورى بينهم ) ، ولإيمانه هو بمبدأ الشورى ، فمخالفة الخليفة للصحابة يعد نقضا للاحتياط وهدما لمبدأ الشورى الذي اتخذه عمر بن الخطاب . وبعد هذا يتجلى ضعف هذا الرأي كذلك وعدم صموده أمام النقد . السبب السادس : ما ذهب إليه بعض المستشرقين ذهب شبرنجر إلى أن عمر لم يهدف إلى تعليم العرب البدو فحسب ، بل تمنى أن يحافظ على شجاعتهم وإيمانهم الديني القوي ليجعلهم حكاما للعالم ، والكتابة واتساع المعرفة لا تتناسب مع الهدف الذي سعى من أجله [ تدوين السنة الشريفة : 53 ، عن دلائل التوثيق المبكر : 230 - 231 ] . ويضيف شاخت أن ليس بين الأحاديث المروية عند المسلمين حديث فقهي صحيح ، بل إنها وضعت بعدئذ في إطار المصالح المذهبية [ أنظر : دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه للأعظمي ، وكتاب ( شاخت ) : [ the origins of Muhammadan jurispradenee ] ويمضي جولدتسهر إلى أن صدور الروايات في التدوين جميعها موضوعه ، وأن الكتب المؤلفة الجامعة للحديث المنسوبة إلى العصر الأول مفتعلة . [ من بحوثه : Muhammadanische studiee باللغة الألمانية ] ويذهب إسماعيل بن أدهم في رسالته المطبوعة سنة 1353 إلى أن الأحاديث الصحاح ليست ثابتة الأصول والدعائم ، بل هي مشكوك فيها ويغلب عليها صفة الوضع [ دراسات في الحديث النبوي : 27 ، عن السنة ومكانتها للسباعي : 213 ] . ومن أراد المزيد في دراسة أقوال المستشرقين فليراجع : كتاب السنة ومكانتها للسباعي ، ودراسات في الحديث النبوي للأعظمي ، والحديث والمحدثون لأبي وهو .

30

نام کتاب : منع تدوين الحديث نویسنده : السيد علي الشهرستاني    جلد : 1  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست