نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 498
ثم ما الذي ألزمنا وأوجب علينا أن نلعن أحدا من المسلمين أو نبرأ منه ! وأي ثواب في اللعنة والبراءة ! إن الله تعالى لا يقول يوم القيامة للمكلف : لم لم تلعن ؟ بل قد يقول له : لم لعنت ؟ ولو أن إنسانا عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يكن عاصيا ولا آثما ، وإذا جعل الإنسان عوض اللعنة أستغفر الله كان خيرا له . ثم كيف يجوز للعامة أن تدخل أنفسها في أمور الخاصة ، وأولئك قوم كانوا أمراء هذه الأمة وقادتها ، ونحن اليوم في طبقة سافلة جدا عنهم ، فكيف يحسن بنا التعرض لذكرهم ! أليس يقبح من الرعية أن تخوض في دقائق أمور الملك وأحواله وشؤونه التي تجري بينه وبين أهله وبني عمه ونسائه وسراريه ! وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صهرا لمعاوية ، وأخته أم حبيبة تحته ، فالأدب أن تحفظ أم حبيبة وهي أم المؤمنين في أخيها . وكيف يجوز أن يلعن من جعل الله تعالى بينه وبين رسوله مودة ! أليس المفسرون كلهم قالوا : هذه الآية أنزلت في أبي سفيان وآله ، وهي قوله تعالى : * ( عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ) * [1] ! فكان ذلك مصاهرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أبا سفيان وتزويجه ابنته ، على أن جميع ما تنقله الشيعة من الاختلاف بينهم والمشاجرة لم يثبت ، وما كان القوم إلا كبني أم واحدة ، ولم يتكدر باطن أحد منهم على صاحبه قط ولا وقع بينهم اختلاف ولا نزاع . فقال أبو جعفر ( رحمه الله ) : قد كنت منذ أيام علقت بخطي كلاما وجدته لبعض الزيدية في هذا المعنى نقضا وردا على أبي المعالي الجويني فيما اختاره لنفسه من هذا الرأي ، وأنا أخرجه إليكم لأستغني بتأمله عن الحديث على ما قاله هذا الفقيه ،