responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن    جلد : 1  صفحه : 241


دمي واضطربت عروقي حتى غلبت علي الرقة وفاضت عيناي ، وأنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين ، لم أسأل عنها أحدا ، فإن أنت أجبتني عنها خليت عنك ولم أقبل قول أحد فيك ، وقد بلغني عنك أنك لم تكذب قط ، فأصدقني فيما أسألك مما في قلبي .
فقلت : ما كان علمه عندي فإني مخبرك به إن أنت أمنتني .
قال : لك الأمان إن أصدقتني ، وتركت التقية التي تعرفون بها معشر بني فاطمة .
فقلت : ليسأل أمير المؤمنين عما يشاء .
قال : أخبرني لم فضلتم علينا ، ونحن وأنتم من شجرة واحدة ، وبنو عبد المطلب ونحن وأنت واحد ، إنا بنو عباس وأنتم ولد أبي طالب ، وهما عما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقرابتهما منه سواء ؟
فقلت : نحن أقرب .
قال : وكيف ذلك ؟
قلت : لأن عبد الله وأبا طالب لأب وأم ، وأبوكم العباس ليس هو من أم عبد الله ولا من أم أبي طالب .
قال : فلم ادعيتم أنكم ورثتم النبي ( صلى الله عليه وآله ) والعم يحجب ابن العم [1] ، وقبض



[1] أقول : طالما أخذ بنو العباس أمثال هذه الدعاوى دليلا على أولوية العباس - بميراث النبي ( صلى الله عليه وآله ) وخلافته - من أمير المؤمنين باعتبار أن العم أقرب من ابن العم وقد أغفلوا وتناسوا ابنته فاطمة ( عليها السلام ) التي تحجب العم ، وراحوا يضللون الناس بدعاواهم المزيفة ليعموا الناس عن الحقيقة ، مسخرين في ذلك الشعراء المرتزقة ذلك الأعلام المضلل الزائغ عن الحق ، فضمنوا ذلك في الأشعار محتجين بآية : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) * الأنفال / 75 ، ومن أولئك الشعراء الذين استخدموهم في ذلك مروان بن أبي حفصة الذي لم يذخر وسعا في هجاء الطالبيين ومقدساتهم وذم محبيهم ، فأخذ ينفث حقده الدفين عليهم متبجحا بدعاواه الباطلة ، مرددا : أنى يكون وليس ذاك بكائن * لبني البنات وراثة الأعمام ( راجع : تاريخ بغداد : ج 13 ص 143 ، الأغاني للأصفهاني : ج 10 ص 94 . ) ليغيض به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في ذريته بدل أن يتقرب إليه بحبهم ومدحهم ، لم يبق شئ لم يفعلوه تجاه ذريته - كأنه لم يوص بهم ولم يكن أبوهم - فراحوا قتلا وتشريدا وحبسا في السجون والمطامير ، ولم يبق سوى إنكار نسبتهم لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد فعلوها . والجدير بالذكر هنا هو ما روي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ( رضي الله عنه ) عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : حدثني معمر بن خلاد وجماعة ، قالوا : دخلنا على الرضا ( عليه السلام ) ، فقال له بعضنا : جعلنا الله فداك ! ما لي أراك متغير الوجه ؟ ! فقال ( عليه السلام ) : إني بقيت ليلتي ساهرا متفكرا في قول مروان بن أبي حفصة : أنى يكون وليس ذاك بكائن * لبني البنات وراثة الأعمام ثم نمت فإذا أنا بقائل قد أخذ بعضادة الباب وهو يقول : أنى يكون وليس ذاك بكائن * للمشركين دعائم الإسلام لبني البنات نصيبهم من جدهم * والعم متروك بغير سهام ما للطليق وللتراث ؟ وإنما * سجد الطليق مخافة الصمصام قد كان أخبرك القرآن بفضله * فمضى القضاء به من الحكام إن ابن فاطمة المنوه باسمه * حاز الوراثة عن بني الأعمام وبقي ابن نثلة واقفا مترددا * يبكي ويسعده ذووا الأرحام راجع : عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) للصدوق : ج 1 ص 188 - 189 ح 2 ( ب 43 ) ، الإحتجاج للطبرسي : ج 2 ص 393 - 394 وقد نسب هذه الحادثة إلى الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، بحار الأنوار : ج 10 ص 391 عن الفصول المختارة للمفيد : ج 1 ص 65 ، وقد روى وقوع هذه الحادثة لأبي الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، ولا يمنع تكرر وقوع هذه الحادثة لبعض الأئمة ( عليهم السلام ) ، وقد ذكر بعض هذه الأبيات أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني : ج 10 ص 95 ، وقد نسبها إلى محمد بن يحيى بن أبي مرة التغلبي . وقد تناول هذه الدعوى أيضا مروان نفسه في بعض قصائده فنال بذلك إعجاب المهدي العباسي ، متزلفا إليه ، فكانت جائزته منه ثمانين ألف درهم ، فأصبحت أنشودتهم المفضلة ، وقد غناها لهم إبراهيم بن المهدي ، وإليكها : هل تطمسون من السماء نجومها * بأكفكم أو تسترون هلالها أو تجحدون مقالة عن ربكم * جبريل بلغها النبي فقالها شهدت من الأنفال آخر آية * بتراثهم فأردتم إبطالها فذروا الأسود خوادرا في غيلها * لا تولغن دماءكم أشبالها ( راجع : الأغاني للأصفهاني : ج 10 ص 70 و 87 ، تاريخ بغداد : ج 13 ص 143 - 144 ) . وقد أجاد الشاعر المبدع فرات الأسدي في رده على مروان بن أبي حفصة - حيث يقول : ومقالة عجب أثرت عجاجها * وحجب عن وجه الحقيقة حالها وتخبطت قدماك تهوي سادرا * لا تستبين رشادها وضلاها فطمست من فلك السماء نجومها * وسترت بالملق الرخيص هلالها لو كنت تعلم ما تقول إذن هوت * شمس وزلزلت الدنى زلزالها لكن - ويأبى الله إلا نورهم * بتمامه - ما إن وردت وبالها هم آل بيت المصطفى وراثه * وبهم أبان حرامها وحلالها فأربع على الزيغ القديم وهاكه * - كل بما كسبت يداه - نوالها ومن سار على منوال مروان بن أبي حفصة أبان بن عبد الحميد ، الذي أراد أن يحضى بالقرب من الرشيد كمروان ، فقالوا له : إن لمروان مذهبا في هجاء آل أبي طالب به يحضى ، وعليه يعطى ، فاسلكه ؟ فقال : لا أستحل ذلك ، فقالوا له : لا تجئ أمور الدنيا إلا بفعل ما لا يحل ؟ ! ثم نظم قصيدة في مدح العباس وإنه أقرب إلى رسول الله من علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأولى منه بميراثه ، فنال بذلك إعجاب الرشيد ، فأمر له بعشرين ألف درهم ، ثم أصبح من المقربين إليه ، وإليك بعض أبياته التي قالها في قصيدته الطويلة : نشدت بحق الله من كان مسلما * أعم بما قد قلته العجم والعرب أعم رسول الله أقرب زلفة * لديه ، أم ابن العم في رتبة النسب وأيهما أولى به وبعهده * ومن ذا له حق التراث بما وجب فإن كان عباس أحق بتلكم * وكان علي بعد ذاك على سبب فأبناء عباس هم يرثونه * كما العم لابن العم في الإرث قد حجب ( راجع : خزانة الأدب للبغدادي : ج 8 ص 176 ) . ويقول أيضا الأستاذ فرات الأسدي في جوابه له : أثمت إذ استنشدت من كان مسلما * تعم بما قد قلته العجم والعرب وحدت عن الحق الصراح ولم تكن * لتدفع عنك الزيغ في الرأي والعطب أنفس رسول الله حيدرة الذي * له دون كل الناس حق العلى وجب تحيد بك الأهواء عنه وغيره * له تبع وهو المقدم في الرتب أخوه وأبناه من الطهر نسله * فكيف لعم قبله الإرث والنسب فأيهما أولى ولم يك مشرعا * سوى بابه ما سد قط ولا حجب لأن عليا باب علم محمد * ووارثه والمرتضى والأخ الأحب ومن الشعراء الذين بالغوا أيضا في تنقيص أهل البيت حقهم ، وإثبات أن الحق للعباس وبنيه هو عبد الله بن المعتز العباسي ، الذي يقول في بعض قصائده : ألا من لعين وتسكابها * تشكي القذى وبكاها بها ومنها : نحن ورثنا ثياب النبي * فكم تجذبون بأهدابها لكم رحم يا بني بغتة * ولكن بنو العم أولى بها فمهلا بني عمنا إنها * عطية رب حبانا بها راجع : ديوان ابن المعتز : ص 30 - 33 . ولله در صفي الدين الحلي الشاعر المجاهد حيث يقول في جوابه : ألا قل لشر عبيد الإله * وطاغي قريش وكذابها وباغي العباد وباغي العناد * وهاجي الكرام ومغتابها أأنت تفاخر آل النبي * وتجحدها فضل أحسابها بكم بأهل المصطفى أم بهم * فرد العداة بأوصابها أعنكم نفي الرجس أم عنهم * لطهر النفوس وألبابها وقد ورثنا ثياب النبي * فكم تجذبون بأهدابها وعندك لا يورث الأنبياء * فكيف حظيتم بأثوابها فكذبت نفسك في الحالتين * ولم تعلم الشهد من صابها وقولك أنتم بنو بنته * ( ولكن بنو العم أولى بها ) بنو البنت أيضا بنو عمه * وذلك أدنى لأنسابها فدع في الخلافة فصل الخلاف * فليست ذلولا لركابها وما أنت والفحص عن شأنها * وما قمصوك بأثوابها راجع : ديوان صفي الدين الحلي : ص 192 .

241

نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن    جلد : 1  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست