نام کتاب : مقدمة في أصول الدين نویسنده : الشيخ وحيد الخراساني جلد : 1 صفحه : 526
ساء ما يحكمون } [1] . ثم وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه يده على منكب همام بن عبادة فقال : ألا من سأل عن شيعة أهل البيت ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم في كتابه مع نبيه تطهيرا : فهم العارفون بالله ، العاملون بأمر الله ، أهل الفضائل والفواضل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم التواضع ، بخعوا لله تعالى بطاعته ، وخضعوا له بعبادته ، فمضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم ، واقفين أسماعهم على العلم بدينهم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء رضى عن الله بالقضاء ، فلولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقا إلى لقاء الله والثواب ، وخوفا من العقاب . عظم الخالق في أنفسهم ، وصغر ما دونه في أعينهم ، فهم والجنة كمن رآها فهم على أرائكها متكئون ، وهم والنار كمن أدخلها فهم فيها يعذبون ، قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة ، وأجسادهم نحيفة ، وحوائجهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ومعونتهم في الإسلام عظيمة . صبروا أياما قليلة فأعقبتهم راحة طويلة ، تجارة مربحة يسرها لهم رب كريم ، أناس أكياس ، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها ، وطلبتهم فأعجزوها . أما الليل فصافون أقدامهم ، تالون لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا ، يعظون أنفسهم بأمثاله ، ويستشفعون لدائهم بدوائه تارة ، وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يمجدون جبارا عظيما ، ويجأرون إليه جل جلاله في فكاك رقابهم ، هذا ليلهم . فأما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء ، براهم خوف باريهم فهم أمثال القداح ، يحسبهم الناظر إليهم مرضى وما بالقوم من مرض ، أو قد خولطوا ، وقد خالط القوم من عظمة ربهم ، وشدة سلطانه أمر عظيم طاشت له قلوبهم ، وذهلت منه عقولهم ، فإذا استفاقوا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال