نام کتاب : مقدمة في أصول الدين نویسنده : الشيخ وحيد الخراساني جلد : 1 صفحه : 519
فهو يخبط خبط عشواء ، يقوده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة ، ويمده ربه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه ! فهو يحل ما حرم الله ، ويحرم ما أحل الله ، لا يبالي بما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته التي قد يتقى من أجلها ، فأولئك الذين غضب الله عليهم ، ولعنهم ، وأعد لهم عذابا مهينا . ولكن الرجل كل الرجل نعم الرجل ، هو الذي جعل هواه تبعا لأمر الله ، وقواه مبذولة في رضى الله ، يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الأبد من العز في الباطل ، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها يؤديه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد ، وأن كثير ما يلحقه من سرائها إن اتبع هواه يؤديه إلى عذاب لا انقطاع له ولا زوال . . فذلكم الرجل نعم الرجل ، فبه فتمسكوا ، وبسنته فاقتدوا ، وإلى ربكم به فتوسلوا ، فإنه لا ترد له دعوة ، ولا تخيب له طلبة ) [1] . بين أن معيار كمال الإنسان ليس الأقوال والأفعال الخاضعة ، وليس صرف النظر عن شهوة المال والبطن ونحوها ، بل ميزان كمال الإنسان إنما هو العقل المصفى من كدورة الهوى ليكون منشأ الصلاح والإصلاح ، والنفس التابعة لأوامر الله تعالى ونواهيه ، بحيث لا تنخدع بأية شهوة حتى شهوة الجاه والمقام ، وتعرض عن العز مع الباطل ، ويختار الذلة مع الحق . 3 - عن عنوان البصري وكان شيخا كبيرا أتى عليه أربع وتسعون سنة قال : ( كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين ، فلما قدم جعفر الصادق المدينة اختلفت إليه ، وأحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك ، فقال لي يوما : إني رجل مطلوب ومع ذلك لي أوراد في كل ساعة من آناء الليل والنهار ، فلا تشغلني عن وردي ، وخذ عن مالك ، واختلف إليه كما كنت تختلف إليه ، فاغتممت من ذلك ، وخرجت من عنده وقلت في نفسي : لو تفرس في خيرا لما زجرني عن الاختلاف إليه والأخذ عنه ، فدخلت مسجد الرسول وسلمت عليه ، ثم رجعت من الغد إلى الروضة وصليت فيها ركعتين ، وقلت :