" أما بعد ، فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي ، ولا أهل بيت أبر وأوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عني خيرا ، ألا وإني لأظن يوما لنا من هؤلاء ، ألا وإني قد أذنت لكم ، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم حرج مني ولا ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا [1] " . فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر : لم نفعل ذلك لنبقى بعدك ؟ لا أرانا الله ذلك أبدا ، بدأهم بهذا القول العباس بن علي واتبعته الجماعة عليه فتكلموا بمثله ونحوه ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : " يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم بن عقيل فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم " ، فقالوا : سبحان الله ما يقول الناس ؟ نقول إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ، ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن معهم برمح ، ولم نضرب معهم بسيف ، ولا ندري ما صنعوا ، لا والله ما نفعل ذلك ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلنا ، ونقاتل معك حتى نرد موردك ، فبح الله العيش بعدك . وقام إليه مسلم بن عوسجة ، فقال : أنحن نخلي عنك ، وبما نعتذر إلى الله في أداء حقك ؟ لا والله حتى أطعن في صدورهم برمحي ، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمة في يدي ، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ، والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله فيك ، أما والله لو علمت أني أقتل ثم أحيى ثم أحرق ثم أحيى ثم أذرى ، يفعل ذلك بي سبعين مرة ، ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة ، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا . وقام زهير بن القين فقال : والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل هكذا ألف مرة ، وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك ، وعن أنفس هؤلاء