مسائلها الاعتقادية من الأسس العقلية والمنطقية الرصينة ، تلك التي حددت هوية هذه الطائفة ، وميزتها عن غيرها من الطوائف الإسلامية المختلفة . وقد تدفقت أقلام هؤلاء الرجال حول ما تميزت به طائفة كبيرة من طوائف المسلمين ، ظل التاريخ المعادي لها يطمس معالمها ، ويتجنى عليها ويتنكر لمعارفها ، غير أن هؤلاء الرجال قد عنى لهم أن يتداركوا ذلك ، فأشادوا بخصائصها في الفقه ، والحديث ، والعقيدة ، والتاريخ . وكان من العوامل التي حققت هذا الهدف المنشود هو : وعى هذه الثلة من الرجال الذين تعيش قراء العربية ثقاتهم واتجاهاتهم وأحكامهم ، كما كان من العوامل الفعالة في ذلك - أيضا - نشوب هذا الحوار الصريح في أرضية خصبة ، ذات ثروة فكرية وحضارية - هي أرض الكنانة ، التي تمتد ثقافتها إلى عمر الحضارة الإنسانية العريقة لأمتها - وذات نزعة تشيعية تمتد إلى عصر الفاطميين الذي أشاع فيهم هذه الروح ، وهذا الولاء لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، ولذلك فقد تخير الأستاذ المؤلف هذه الأرضية ، كما تخير عددا من رجال الفكر في القاهرة ، ليؤدي معهم هذه المهمة الإسلامية الواعية . وهكذا كان " المحاور " ذكيا ، حينما اختار هذه الأرضية الخصبة الثرية ، بالأدمغة المجنحة التي تقدح بالجدة والابتكار ، وتتدفق بالفكر الواعي المسؤول ، وبالإدارك الصائب النير . وفي محتوى هذه " المحاورات " لفتات ذكية منصفة ، انطلقت من أجواء وذهنيات حادة ، نفذت إلى أعماق من الحقائق والموضوعات ، كانت موصدة الأبواب والمسارب ، ، لولا هذا الجو الملائم الذي ساعد عليه هذا " المحاور " الذكي الذي استقطب - في حوار هذا - عددا من الآراء الإسلامية البارزة . وكان هذا هو العمل المخلص الذكي الذي استطاع أن ينزع به تلك التصريحات والحقائق