نام کتاب : مطارحات في الفكر والعقيدة نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 98
لتعلم أنه ما سار عليها الخلف إلا عصبية لما قاله أسلافهم ! وإذا قيل إن الله تعالى لطيف بعباده فهو يفعل ما يقربهم إلى طاعته ويبعدهم عن المعاصي - لا إلى حد الإلجاء ، بل لأجل التقريب والتمكين والتيسير - خالفوا في ذلك أيضا وقالوا : لا يجب على الله فعل شئ يقرب العباد إلى طاعته أو يبعدهم عن معصيته ! ثم احتجوا بما يدل على اللجاج والسطحية ، فقالوا : لو وجب اللطف لما بقي كافر ولا فاسق [1] ! ! هذا ، وهم ينقلون عن أصحاب الحق القائلين باللطف أنهم لا يعنون باللطف حد الإلجاء والقهر ، وإنما هو ( اللطف المقرب إلى الطاعة ) مثله مثل الباب تفتح لدخول الدار ، فلا يقول عاقل أن الباب لو فتحت لما بقي أحد خارج الدار إلا ودخلها ! ! فبين الأمرين فرق شاسع لا يخفى على عاقل وإن خفي على مقلد متعصب همه التقليد لا غير . والذي صرفهم إلى كل هذا هو قضية الإمامة أيضا ، فكل دين وعقيدة ونص يقدح بأولئك المتغلبين على منصب الإمامة ، فعليهم أن يردوه ويكذبوا به دفاعا عن أولئك الأمراء الخلفاء ، لا غير ! فهم يعلمون أن الإيمان بأن الله تعالى لطيف بعباده يفتح أمامهم الأبواب إلى طاعته ، فبعث الأنبياء لطفا ليتوصل العباد إلى معرفته وطاعته ، وجعل من ورائهم أوصياء يحملون رسالتهم يبلغونها حق تبليغها ، إذ لا يخفى عليهم شئ من علومها وأحكامها ، وكما فعل مع تلك الأمم فهو فعال مع خير الأمم ، أمة خاتم النبيين ، فاصطفى منها أوصياء ليكونوا الأمناء على هذا الدين وعلى الأمة بعد نبيها الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم .