الأول : أبو بكر بن أبي قحافة آمن أبو بكر برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأسلم - بعد خمسين شخص آمنوا قبله - في سن الثامنة والثلاثين ، وقبلها كان أحد مشركي قريش ، يسايرهم في أعمالهم ، وتوثقت صلته أكثر فأكثر بعد وفاة زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) المخلصة المؤمنة ، خديجة الكبرى ، أول من آمنت به من النساء ، كما كان علي ( عليه السلام ) أو من آمن به من الذكور ، في سن الثالثة عشر ، وهو صبي ، ورغم صباه كان يعتمد عليه وعلى رأيه كأعظم الرجال ، حتى نزلت الآية القرآنية ( 214 ) من سورة الشعراء : * ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) * فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بني هاشم وفيهم أعمامه وبنوهم ، وفيهم أبو طالب وبنوه ، وفي مقدمتهم ربيب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علي ( عليه السلام ) . وباليوم المعهود أعلن لهم وصايته وإمامته وخلافته ، في الوقت الذي لا زال أبو بكر مشركا ، وقد مر على شركه ( 38 ) سنة أو يزيد ، لأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان يكبر أبا بكر بسنتين ، ونزل عليه الوحي في سن الأربعين ، بيد أنه قد مضى زمن حتى أعلن لقريش أمره ، وقبل أن يعلن لعشيرته الأقربين ، ومعنى ذلك أن أبا بكر دخل الإسلام بعد خمسين شخصا أسملوا ، وكان أمضى عهده الطويل في أحضان الشرك حتى بلغ سن الكهولة وصدق عليه قول الشاعر : إن الغصون إذا قومتها اعتدلت * ولا تلين إذا كانت من الخشب ورأى أبو بكر منطق محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، ورأى اتجاه أتباعه ، واغتنم فرصة وفاة زوجته الحبيبة حتى تقدم بعد إيمانه ليشد ويوثق عرى صلته بزواج ابنته عائشة . وما كان في ذلك العهد للنساء خطر يذكر ، بل كانت المرأة في أخس وأحط وضع اجتماعي ، يدفنها الأعراب حية في صغرها ، وإذا كبرت كانت كالأثاث