الماضية . وموت مادي أو معنوي في التالية ، تظهر أفرادا مثلا عليا للبشرية الراقية وأخرى مثالا للحقارة الدانية ، تسوق هذه إلى الوجدانية والقدسية الإلهية ، والبر والإحسان والتقوى والضمير الحي لنزعة الحرية ، والرأي السديد لنشر العلم والعرفان والعدل والإحسان مملوءا بالخير والوجدان ، وتعيد الأخرى للشرك أو الإلحاد ، والشقاق والنفاق ، وإنكار الحقائق والشرور وردح العبودية والخضوع . هذه مصدرها العقل السليم الحاكم على الغرائز وتلك مغلوبة بها ، ومقهورة لديها ، تبعث مثل محمد وعلي وذريتهم مبعث البر والإحسان ومنبع اليقين والوجدان ، أو من حاد عن شريعتهم وحاددهم قرين الشيطان وعدو الرحمن ومآل الندم والخسران . وقد كنت نشأت في بيوت الشرك وأكرهت على دين شط عن عقيدتي فتظاهرت مغلوبا حتى بلغت من أشد مني خطرا ومكرا وأمضى مني شررا وضرا ، أظهر الصلاح في السير وأبطن الكفر والفسق والظلم فيما وصفه الكتاب في تعبيره [1] من صاحب محمدا وناسبه وتظاهر بالطاعة ، حتى إذا مات انقلب على خليفته وأتباعه ، وأدنى أنداده وأضداده وأقصى أحباءه وأوداءه ، فأدناني إلى كنفه ، وشملني بوده وعطفه ، أسير في ركبه ، وأقتفي دربه وأوادد وده ، وأحارب حربه . اتفقنا في العقيدة ، وكان أشد مني مكيدة ، فقد أظهرت ما أكن فاشيا ، وأبطن مراوغا ومتحاشيا ، وشتان بين عدو ظاهر العداء وخصم يظهر الصداقة والولاء ، وقوله تعالى في سورة النساء ، الآية ( 145 ) : * ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) * .
[1] قال تعالى : * ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) * ، * ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) * ، * ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) * .