الركبان ، وانتشر صيته وذكره في سائر البلدان ، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث " . وقال الشيخ عبد الرحمن السلمي في طبقات المشايخ : " الإمام جعفر الصادق فاق جميع أقرانه ، وهو ذو علم غزير في الدين ، وزهد بالغ في الدنيا ، وورع تام عن الشهوات ، وأدب كامل في الحكمة " . إن هذه بعض مما امتاز به ، ومنعت السياسة من درج اسمه حتى في عداد تلامذته ، كابن مالك وأبي حنيفة ، وكيف يرضي الخليفة العباسي ذلك وهو يطارد سلالات النبوة ، ويفتك بهم في كل صقع ، وإذا سمح فعليه التنازل لهم عما تسنمه غصبا ، وهو لم يأل جهدا من اطفاء نورهم ، واستئصال شأفتهم ، وأبى الله ذلك حتى أظهر الحق على لسان أنداده وأعدائه والفضل ما شهدت به الأعداء . ولشد ما يبعث على العجب أن السياسة أبت درج اسمه على أمثال البخاري ومسلم ، أولئك الذين يوردون الحديث عن الوضاعين والمزيفين ، فكان ذلك وصمة لهم وعارا وشنارا عليهم في الدنيا ، وللآخرة أشد وأبقى . فنراهم يأبون النقل عن أي فرد مهما بلغ من العظمة أو صغر من آل بيت الرسالة ( عليهم السلام ) ، ويملؤون بطون كتبهم من أفراد خلقتهم السياسة ، ودستهم آل أمية وعلى رأسهم الكافر المنافق معاوية ، الذي لم يأل جهدا من الفتك بآل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) والصحابة البررة ، ودس وتزييف مئات الأحاديث والأخبار الكاذبة على أيدي جماعة من المنافقين أمثاله ، الذين تابعوه في رذائله . وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " من تقول وكذب علي فليتبوأ مقعده من النار " . راجع الزمخشري في ربيع الأبرار ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد لترى ما فعله أبو هريرة [1] في زمن الأمويين من الدس والتحريف ، وراجع مؤلفات العلامة أبي
[1] راجع الجزء الثاني من موسوعتنا هذه ترى مجموعة من خرافات أبي هريرة نقلها صحيح البخاري ومسلم ، والتي قالوا إنها أصح الكتب بعد القرآن . وأهيب بالقارئ أن يراجع اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي ، وميزان الاعتدال ، وتلخيص المستدرك للذهبي ، وتذكرة الموضوعات لابن الجوزي ، وتاريخ بغداد تأليف أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي . وأمثال أبي هريرة من الوضاعين الذين نقلوا عنهم هم عكرمة الخارجي ، ومحمد بن عبد السمرقندي ، ومحمد بن بيان ، وإبراهيم بن مهدي الأيلي ، ونبوسي بن أحمد الواسطي ، ومحمد بن خالد الحبلي ، وأحمد بن محمد اليماني ، وعبد الله بن واقد الحراني ، وأبو داود سليمان بن عمر ، والكذاب ، وعمران بن حطان الخارجي ، وكثير أمثالهم . هؤلاء أعداء الإسلام وأعداء الله ورسوله ( ص ) ، ثبت كذبهم عند العامة ، ورغم ذلك نراها مثبتة في كتب البخاري ومسلم ، هؤلاء الناقلون أبوا نقل الأحاديث المسندة من خيرة آل الرسول ( ص ) والمتواترة من الصحابة الخيرة .