الله ( صلى الله عليه وآله ) في الغار وفي الهجرة ، وأسبق منك إيمانا وأكبر سنا ، وأعلم منك بوصايا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في علي ( عليه السلام ) وعترته ، ومنزل الكتاب ، فكيف تابعك ؟ وانقاد إليك تسره وتناجيه النجوى التي نهى الله عنها ورسوله ، وهو يصغي إليك في قوله تعالى في سورة المجادلة ، الآية ( 9 ) : * ( فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ) * ! وكيف خالف أوامر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في جيش أسامة ؟ وهل صح أنه كان من المتخلفين ؟ وكيف لم يمنعك عن مخالفتك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حينما طلب دواة وبياض ؟ الجواب : كنت وأبو بكر معي كفرس رهان في الوصول إلى أهدافنا وأغراضنا وسيرتنا ومجالسنا ، ولم نختلف إلا أنه أشد تظاهرا بمبادئ الإسلام ، وأقل تكابرا بالنفس ، وأعمق غورا ، وأدق طورا . يعرف مواقع الكلام فلا يرسله جزافا ، وهيهات أن تنال منه دون جدوى خلافا ، فلا ينبس بما يضمر إلا لمن وثق بمكاشفته ، وأيقن بموافقته ، وقد أكبرته ووجدت فيه العون والمعين ، والدليل الأمين ، أسر إليه ما في نفسي وأبادله مشاعري وحسي ، وهو إن سبقني لإسلامه ، فقد سبقني في مرامي ومرامه ، وكلانا لا نختلف في الكمين واليقين ، ولا نبتعد الواحد عن الآخر في المبدأ والدين ، وقد وجدته المسدد لخلتي والمرمم لزلتي ، وكأنه هو الذي وجد في ضالته ، والمكمل لحالته . لذا اتخذني آلة للوصول إلى غايته ، وخليلا وجد في الغنى لفاقته ، فاستهواني فهويته ، واستطببني فداويته ، وقد سبقني ببث ما يكن ، مذ وجدني موافقا إليه ولنجواه أصغي وأحن فاتفقنا سرا وعلانية ، وأباح كل واحد للآخر أهدافه وأمانيه ، فجاءت موافقة مطابقة في أغراضه وحقائقه ، وهو مثلي استهواه محمد بتدبيره ،