إسلامي . بيد أذهلتني استقامته ، وإخلاصه في دعوته ، ورسوخ فكرته ، ورزانة سيرته وحكمته ، وانضمام الأفراد والجموع تحت لوائه ، وبلوغه مدارج عجز من بلوغها طواغيت قريش . وهو اليتيم الفقير الضعيف ، ووجدت نفسي في تعاسة من العيش لم أنل من قريش ما يسد طموحي وجشعي ، وهم متكتلون متعصبون لا مطمع لمثلي ولا ملمس لإدراك مكانه ، فلا قبيلة يعتد بها ولا أموال يطمع فيها ولا شجاعة مميزة أو فصاحة مبرزة . وقد وجدت أمثالي مع محمد ، وقد تقدموني ، بدأ لهم كيان وأخذوا يشيرون لهم بالبنان كأبي بكر ، بل وأقل منه وأضعف كأبي ذر وأذل كعمار وأمثالهم . فحسبت بذلك ضالتي ، ونويت أن أتبع خطى أبي بكر ، وتقدمت وقدمت مثله ابنتي ، واستقبلوني كأخ جديد ، فوجدتهم متكاتفين ، أكثرهم مخلصين يضمرون ما يظهرون ، ويظهرون ما يضمرون ، قد دخل الإسلام بإيمانه في عروقهم ، وتسرب إلى أعماقهم ، غير فئة مثلي أسلموا طامعين ، وتربصوا لغاياتهم وأهدافهم ساعين . وجدوا بغيتهم باتباع الرجل وهو مثلي يحسون بحسن تدبيره لا دينه ، وبذكائه وحسن بصيرته لا دخل ليد غيب في مسيرته السمائية ، ولا معتقد بشريعته الإلهية ، فهو بعقله وهديه ليس لله عليه نائلة ، ولا لروح القدس طائلة ، متساهل مع أودائه ، شديد على أعدائه ، دقيق في خططه وآرائه ، له أهداف إنسانية لا يحيد عنها قائمة ، ومزايا حميدة لازمته منذ صباه دائمة . نافذ البصيرة دقيق في تعبيره ، تهمه الصغيرة والكبيرة ، يرفع من شأن الطائعين