أخرج إليهم في مظالمهم [1] . كما كتب أهل المدينة إلى عثمان نفسه يدعونه إلى التوبة ويحتجون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبدا حتى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من الله ، فلما خالف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته [2] . ولا يخفى على أي فرد أن الخليفة الثالث لم ينتخبه المسلمون ، وإنما أرغموا على خلافته بأمر من الخليفة الثاني ، كما لم يعط أبو بكر حقا للمسلمين لانتخاب خليفتهم ، وأدلى بها إلى عمر لأن عمر هو الذي انتخب أبو بكر ، وقال فيه : إن خلافته فلتة وقى الله شرها . نعم هذا عثمان الذي أرغم المهاجرون والأنصار على خلافته ولم يدل عمر على عمله هذا من مبرر ، أصبح وبالا على المسلمين ومستبدا مطلقا بنفسه وآله الكفرة الفسقة على أنفسهم وأموالهم ، هبوا هبة واحدة للتخلص منه ، واذهبوا متظلمين محتجين ، رماهم بالكفر وطلب من ولاته الفجرة معاوية وابن أبي سرح إرسال جيوشهم لإرغامهم على الخضوع المطلق . ولم يأبه أن يتوب ، ويوعدهم برفع الظلم كرارا وينكث ويعود باشد ، ويصارح القوم أنه لا ينزع كساء كساه الله به ، وليس عليه إثم فهو إمام إن اجتهد فلا إثم عليه ، غير هياب بإجماع الأمة وإجماع الصحابة وإجماع المهاجرين والأنصار ، ولم نجد في الأمة من عاضده سوى شرذمة آل أمية ومن ظل يكيل له من المنافقين الذين لا هم لهم سوى إرضاء غرائزهم الدنيئة ، والمشاطرين له في المال والمنال .
[1] كما جاء في شرح ابن أبي الحديد 1 : 165 ، وكامل ابن الأثير 5 : 70 ، والإمامة والسياسة 1 : 32 . [2] الطبري في تاريخه 5 : 116 .