شئنا دفعناه عنه ، ولكن عثمان غير وتغير وأحسن وأساء ، فإن كنا أحسنا فقد أحسنا ، وإن كنا أسأنا فنستغفر الله . وعمرو بن العاص من الأفراد المفتخرين بأنه هو الذي دبر قتل عثمان الذي عزله من ولاية مصر وأعطاها لابن أبي سرح ، وكيف يسأل سعدا وهو أعرف من سعد ، ولطالما حاجج عثمان وأثار الناس على قتله ، وسعد هذا أشد الناس على عثمان الذي عزله . وهو اليوم يتهم عليا ( عليه السلام ) ، والأمويين يبرؤون عليا ( عليه السلام ) ، وفي مقدمتهم اللعين مروان [1] ، الذي يعترف بأن علي برئ من كل تهمة ، وإنما يتهموه لأنه لا يستقيم لهم ملك بدون ذلك . ويظهر أن سعدا من أولئك المحرضين على عثمان ، فقد جاء عن أبي حبيبة [2] ، قال : نظرت إلى سعد بن أبي وقاص يوم قتل عثمان دخل عليه ثم خرج من عنده وهو يسترجع مما يرى على الباب ، فقال له مروان : الآن تندم ! أنت أشعرته ، فاسمع سعدا يقول : استغفر الله لم أكن أظن الناس يجترؤن هذه الجرأة ولا يطلبون دمه ، وقد دخلت عليه الآن فتكلم بكلام لا تحضره أنت ولا أصحابك فنزع عن كلمات كره منه وأعطى التوبة ، وقال : لا أتمادى في الهلكة إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق ، فأنا أتوب وأنزع . فقال مروان : إن كنت تريد أن تذب عنه فعليك بابن أبي طالب فإنه متستر وهو لا يحبه . فخرج سعد حتى أتى عليا وهو بين القبر والمنبر ، فقال : يا أبا الحسن ! قم فداك أبي وأمي جئتك والله بخير
[1] راجع الصواعق المحرقة : 33 ، وفيها يعترف مروان ببراءة علي ( ع ) . [2] تاريخ الطبري 5 : 121 .