وعلي ( عليه السلام ) على يقين أن ما أنفقه عثمان من بيت المال يجب أن يعود ويقسم على من وضعه الله له ، لذا نراه يقول حينما استلم مقاليد الأمور : " ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان ، وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال ، فإن الحق القديم لا يبطله شئ ، ولو وجدته قد تزوج بالنساء وفرق في البلدان لرددته إلى حاله ، فإن في العدل سعة ، ومن ضاق عنه الحق فالجور عنه أضيق " [1] . رأي عبد الرحمن بن عوف : قال الله تعالى : * ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) * [2] . نعم هذا عبد الرحمن الذي قدم الخلافة لعثمان محاباة وطمعا عاد اليوم بعد إثرائه من بيت مال المسلمين يطلب من علي ( عليه السلام ) إقامة الحرب على عثمان لأنه نكث العهد ، وأي عهد نكث ! نعم خيب أمل عبد الرحمن بإحالة الأمر إليه . وهذا عثمان يقول في عبد الرحمن : إنه المنافق [3] . ولقد قال علي ( عليه السلام ) لعبد الرحمن يوم قلده الخلافة ولم يصغ لوعظه : والله ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه ، دق الله بينكما عطر فشم . واستجاب الله دعاء الإمام ( عليه السلام ) إذ ألقى بينهما العداء وقدم عثمان على عبد الرحمن وسعد غلمان بني أمية الكفرة الفجرة واتهم عبد الرحمن بالنفاق [4] .
[1] نهج البلاغة 1 : 46 ، وشرح ابن أبي الحديد 1 : 90 . [2] الزخرف : 67 . [3] راجع أنساب البلاذري 5 : 57 ، والعقد الفريد 2 : 258 - 272 ، وكتاب الأوائل لأبي هلال العسكري ، والكامل لابن الأثير 3 : 70 ، وتاريخ الطبري 5 : 113 ، وشرح ابن أبي الحديد 1 : 65 و 66 و 165 . [4] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 63 - 65 و 66 ، والصواعق المحرقة لابن حجر : 68 .