وإني أتساءل : أولئك الذين جمعوا تلك الأموال والذهب والفضة ممن مر ذكرهم ، وعلى رأسهم الخليفة ، أخفي عنهم ما فيه عقيل بن أبي طالب وأمثاله من الفقر المدقع ؟ ! وقال ( صلى الله عليه وآله ) : " من كان معه فضل من ظهر فليعد به على من لا ظهر له ، ومن كان عنده فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له " . وقال ( صلى الله عليه وآله ) أيضا : " على كل نفس في كل يوم طلعت الشمس صدقة عنه على نفسه ، فسئل : يا رسول الله : من أين أتصدق وليس لنا أموال ؟ قال : أن من أبواب الصدقة التكبير ، وسبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، واستغفر الله ، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظم والحجر ، وتهدي الأعمى ، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه ، وتدل المستدل على حاجة له وقد علمت مكانها ، وتسعى بشدة ما فيك إلى اللهفان المستغيث ، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف ، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك " [1] . هذا يذكرني بأبي ذر وعمار وما قاسوه من الخليفة وعماله وهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر [2] . وترى غير الفروض الواجبة هناك فروض منتدبة ومستحبة لإعانة الملهوفين والمحتاجين والفقراء والمساكين ، ومد يد المعونة المادية من أموال يملكونها ، لا كما فعل الخليفة بالصدقات والخمس والأنفال وهبتها إلى أفسق ومن هو أشد خلق الله نفاقا ، وحرمان المستحقين منها ، وقوله : إنما أصل رحمي ، وهم يكنزون الذهب والفضة وينفقونها لإذلال خلق الله وطمر شريعته وإنهاك خلقه ، وإنزال النكال بمن أمر بمعروف أو نهى عن منكر ، أو سعى جادا لإنقاذ البشرية من
[1] صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري ، وسنن البيهقي 4 : 182 . [2] صحيح مسلم 3 : 82 ، ومسند أحمد 5 : 154 - 167 و 178 ، وسنن البيهقي 4 : 188 .