إسراف عثمان على نفسه : أسرف على نفسه كما أسرف على خاصته ، بل أعظم مما مر ذكره ، كالملوك الرومان والأكاسرة المستبدين الجبابرة . وعد من نصحه جرحه ، ومن أرشده فضحه وقدحه ، ومن سايره امتدحه . فالنكال للصالحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، والصلات والهبات للطالحين المجارين له فيما أسرف وبعثر ، قال : هذا مال الله أعطيه من شئت ، وأمنعه من شئت ، فأرغم الله أنف من رغم . ويوم قتل اختلفت الروايات فيما خلفه من الأموال المنقولة وغير المنقولة ، من الحلي والنقود والذهب والفضة والإبل والماشية والمماليك والإماء والضياع والدور . قيل إن الأموال التي نهبت منها عند خازنه فقط تساوي ثلاثون ألف ألف وخمسون ألف درهم ومئة وخمسون ألف دينار ، وألف بعير ، وما يساوي من الصدقات في براديس وخيبر ووادي القرى ما قيمته مئتي ألف دينار ، وكان له ألف مملوك [1] . وما كان يتحاشى من لبس أحسن اللباس من الخز والبرد . وما أوجز ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في خطبته الشقشقية : " قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع " . وراح علي ( عليه السلام ) يهدد أولئك الذين ابتزوا أموال المسلمين بمنح عثمان لهم بقوله :
[1] أنساب البلاذري 3 : 4 ، وطبقات ابن سعد 3 : 53 ، ومروج الذهب 1 : 433 ، والذهبي في دول الإسلام 1 : 12 ، والاستيعاب في ترجمة عثمان 2 : 476 ، والصواعق المحرقة : 68 والسيرة الحلبية .