وقال المسعودي : إن عبد الرحمن ابتنى داره ووسعها ، وكان على مربطه مئة فرس ، وله ألف بعير وعشرة آلاف من الغنم ، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحا ، ذلك بعض ما ذكر [1] . وما لم يذكر كثير ، فمن أين أتى عبد الرحمن بهذا الثراء الطائل ؟ وكيف كنز هذا الذهب والفضة وهو يتلو كتاب الله في سورة التوبة الآية ( 34 ) : * ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) * . وقوله تعالى في سورة التوبة الآية ( 35 ) : * ( يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم ) * . فأين قول عمر فيه : إن إيمانه يساوي نصف إيمان المسلمين أجمع ، وهؤلاء بنو هاشم وآل بيت الرسالة وما فيه من العسر ؟ وهذا عقيل ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأخ علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يئن تحت كأهل الدين الذي يساوي أربعين ألف درهم ، ولا يمده عثمان ، ويأتي عليا ( عليه السلام ) زمن خلافته يرجو سد دينه فيوعده أن سوف يقدم له سهمه من القسمة ، وهي لا تسد النزر اليسير منه . هذه غنائم عبد الرحمن من عثمان من بيت مال المسلمين والمسلمون المعوزين والفقراء يتضورون جوعا . رحم الله أبا ذر ذلك الصحابي الشهم الذي رفع علم الجهاد وأعلن على رؤوس الأشهاد هؤلاء الخونة من خازني المال ومبذريها على غير أهلها والحارمين منها ذويها .
[1] تاريخ اليعقوبي 2 : 146 ، ومروج الذهب للمسعودي 1 : 434 ، وصفوة الصفوة لابن الجوزي 1 : 138 ، والرياض النضرة لمحب الدين الطبري 2 : 291 ، وطبقات ابن سعد 3 : 96 ط ليدن .