وإذا ما راجعت المقدسي في كتابه الحجة [1] نجد عمر يروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالكتاب وألسنة واتباعها والامتناع البات عن الرأي . ونرى هنا عمر من الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم . روي عن أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : " إن الله أنزل كتابا وافترض فرائض فلا تنقصوها ، وحدد حدودا فلا تغيروها ، وحرم محارم فلا تقربوها ، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا ، كانت رحمة من الله فاقبلوها ، إن أصحاب الرأي أعداء السنن ، تفلتت منهم أن يعوها ، وأعيتهم أن يحفظوها ، فسئلوا فاستحيوا أن يقولوا لا نعلم ، فعارضوا السنن برأيهم ، فإياكم وإياها فإن الحلال بين والحرام بين كالمرتع حول الحمى أو شك أن يواقعه الأوان لكل ملك حمى وحمى الله في أرضه محارمه " . ذلك كله خالفه عمر ، ولأجل أن تتأكد بأسانيد ثابتة راجع كتاب النص والاجتهاد للعلامة شرف الدين السيد عبد الحسين ، وموسوعة الغدير للعلامة الشيخ عبد الحسين الأميني ، أخص الجزء السادس . ولم يكتف عمر في عهده من منع الحديث والسنة من التدوين والكلام بل كانت عيونه وجواسيسه مثبتة في البلاد لمراقبة أدنى كلمة أو إبداء رأي علمي أو فلسفي أو مناظرة ، وحتى وجدناه كيف أرسل على الرجل في ذلك العهد لمحض أن الرجل قال : أنا مؤمن . ولشد ما كان يغيظه السؤال من أي سائل عن تفسير آية أو تأويلها ، وشرح غامضها أو فضيلة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى ليطلب من سائلها البينة على ما يقول ، ولم يكتف بذلك ما يقال أمامه ، بل كلما سمع ، حتى لو أرسلت له رسالة تذكر أن فلانا عمل كذا حتى وجدنا في الكتب الماضية من الموسوعة أن عمر ناصف ولاته
[1] راجع كنز العمال 1 : 95 عن كتاب القريب لأبي عبيدة ، وفي كتاب السنة للإمام أحمد بن حنبل في باب اتباع السنة وذم الرأي .