نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 76
أولى من إثباته ربا للعالم ، لأن الاعتقاد بالبارئ بهذه الصفات يجعل الألوهية والدعوة إليها منكرا تتنفر منه العقول والأفكار المنيرة . والطائفة الثانية أرادت التحرز عن وصمة التشبيه وعار التجسيم فوقعت في إسارة التعطيل ، فحكمت بتعطيل العقول عن معرفته سبحانه ومعرفة صفاته وأفعاله ، قائلة بأنه ليس لأحد الحكم على المبدأ الأعلى بشئ من الأحكام وليس إلى معرفته من سبيل إلا بقراءة ما ورد في الكتاب والسنة ، فقالت : إن النجاة كل النجاة في الاعتراف بكل ما ورد في الشرع الشريف من دون بحث ونقاش ، فقد نقل عن سفيان بن عيينة أنه قال : " كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه " . ( 1 ) ما هو المسلك الصحيح ؟ ولكن هناك طائفة ثالثة ترى أن من الممكن التعرف على صفاته سبحانه من طريق التدبر وعلى ضوء ما أفاض الله سبحانه على عباده من نعمة العقل والفكر . وحجتهم في ذلك أن الله سبحانه ما نص على أسمائه وصفاته في كتابه وسنة نبيه إلا لكي يتدبر فيها الإنسان بعقله وفكره في حدود الممكن ، فهذا أمر يدعو إليه العقل والكتاب العزيز والسنة الصحيحة . ويكفي في تعين هذا الطريق ما ورد في أوائل سورة الحديد من قوله سبحانه : ( سبح لله ما في السماوات والأرض ) .
1 . الملل والنحل : 1 / 93 .
76
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 76