نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 69
حقيقة العبادة - على ما يستفاد من القرآن الكريم - هي " الخضوع والتذلل ، لفظا أو عملا مع الاعتقاد بألوهية المخضوع له " فما لم ينشأ الخضوع من هذا الاعتقاد ، لا يكون عبادة ، ويدل على ذلك الآيات التي تأمر بعبادة الله وتنهى عن عبادة غيره ، معللة ذلك بأنه لا إله إلا الله ، كقوله سبحانه : ( ويا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) . ( 1 ) وقد ورد هذا المضمون في عشرة موارد أو أكثر في القرآن الكريم . ( 2 ) ومعنى هذا التعليل إن الذي يستحق العبادة هو من كان إلها ، وليس هو إلا الله ، فإذا تحقق وصف الألوهية في شئ جازت - بل وجبت - عبادته واتخاذه معبودا ، وحيث إن الوصف لا يوجد إلا في الله سبحانه وجب عبادته دون سواه . والمراد من الألوهية هو ما يعد من شؤون الإله ، أعني : الاستقلال في الذات والصفات والأفعال ، فمن اعتقد لشئ نحوا من الاستقلال إما في وجوده ، أو في صفاته ، أو في أفعاله وآثاره فقد اتخذه إلها ، والأبحاث المتقدمة حول التوحيد الذاتي والصفاتي والأفعالي كانت هادفة لحصر الألوهية المطلقة لله سبحانه وإبطال ألوهية غيره تعالى . ثم إن المستفاد من مطالعة عقائد الوثنية في كتب الملل والنحل - ويؤيده القرآن الكريم أيضا - إن معظم الانحرافات في مسألة التوحيد كان في مجال الربوبية والتدبير ، فالمشركون مع اعترافهم بحصر الخالقية بالله تعالى وإن جميع من سواه مخلوق لله سبحانه ، كانوا معتقدين بوجود