نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 498
الشيعة تتقي إخوانهم المسلمين ، فكيف يستدل بهما على صحة عملهم ؟ والجواب : أن مورد الآيتين وإن كان هو اتقاء المسلم من الكافر ، ولكن المورد لا يكون مخصصا لحكم الآية إذا كان الملاك موجودا في غيره ، وقد عرفت أن وجه تشريع التقية هو صيانة النفس والعرض والمال من الهلاك والدمار ، فإن كان هذا الملاك موجودا في غير مورد الآية ، فيجوز ، أخذا بوحدة الملاك . قال الرازي : ظاهر الآية ( آية آل عمران ) إن التقية إنما تحل مع الكفار الغالبين ، إلا أن مذهب الشافعي إن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والكافرين حلت التقية محاماة عن النفس ، وقال التقية جائزة لصون النفس ، وهل هي جائزة لصون المال ؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : حرمة مال المسلم كحرمة دمه ، وقوله ( عليه السلام ) : " من قتل دون ماله فهو شهيد " . ( 1 ) وقال المراغي في تفسير آية النحل ويدخل في التقية مداراة الكفرة والظلمة والفسقة ، وإلانة الكلام لهم ، والتبسم في وجوههم وبذل المال لهم ، لكف أذاهم وصيانة العرض منهم ، ولا يعد هذا من الموالاة المنهي عنها ، بل هو مشروع ، فقد أخرج الطبراني قوله ص : " ما وقى المؤمن به عرضه فهو صدقة " . ( 2 ) والتاريخ بين أيدينا يحدثنا بوضوح عن لجوء جملة معروفة من كبار المسلمين إلى التقية في ظروف عصيبة ، وخير مثال على ذلك ما أورده الطبري في تاريخه عن محاولة المأمون دفع وجوه القضاة والمحدثين في