نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 362
طالب ، وزيد ابن حارثة ، وعبد الله بن رواحة ، ورجع الجيش الإسلامي من تلك الواقعة منهزما ، ولأجل ذلك توجه الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بنفسه على رأس الجيش الإسلامي إلى تبوك في السنة التاسعة لمقابلة الجيوش البيزنطية ولكنه لم يلق أحدا ، فأقام في تبوك أياما ثم رجع إلى المدينة ، ولم يكتف بهذا بل جهز جيشا في أخريات أيامه بقيادة أسامة ابن زيد لمواجهة جيوش الروم ، هذا من الخارج . وأما من الداخل ، فقد كان الإسلام والمسلمون يعانون من وطأة مؤامرات المنافقين الذين كانوا يشكلون جبهة عدوانية داخلية ، أشبه بما يسمى بالطابور الخامس ، فهؤلاء أسلموا بألسنتهم دون قلوبهم ، وكانوا يتحينون الفرص لإضعاف الدولة الإسلامية بإثارة الفتن الداخلية ، ولقد انبرى القرآن الكريم لفضح المنافقين والتشهير بخططهم ضد الدين والنبي في العديد من السور القرآنية وقد نزلت في حقهم سورة خاصة . إن اهتمام القرآن بالتعرض للمنافقين المعاصرين للنبي ، المتواجدين بين الصحابة أدل دليل على أنهم كانوا قوة كبيرة ويشكلون جماعة وافرة ويلعبون دورا خبيثا في إفساح المجال لأعداء الإسلام ، بحيث لولا قيادة النبي الحكيمة لقضوا على كيان الدين ، ويكفي في ذلك قوله سبحانه : ( لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ) . ( 1 ) وقد كان محتملا ومترقبا أن يتحد هذا المثلث الخطير لاكتساح الإسلام واجتثاث جذوره بعد وفاة النبي ، فمع هذا الخطر المحيق الداهم ، ما هي وظيفة القائد الحكيم الذي أرسى قواعد دينه على تضحيات
1 . التوبة : 48 .
362
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 362