نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 285
مبادئ تكون العصمة لا شك أن ملكة العصمة عن المعاصي لا تحصل لصاحبها إلا بلطف من الله تعالى وتوفيقه ، والذي يعطي للإنسان أهلية وصلاحية للحصول عليها أمران : 1 . العلم القطعي بعواقب المعاصي ونتائج الطاعات : فإنه يخلق في النفس وازعا قويا يصده عن ارتكاب الأعمال الخطيرة ، وأمثاله في الحياة كثيرة ، فلو وقف أحدنا على أن في الأسلاك الكهربائية طاقة من شأنها أن تقتل من يمسها عارية من دون عائق ، فإنه يحجم من تلقاء نفسه عن مس تلك الأسلاك والاقتراب منها . وقس على ذلك سائر العواقب الخطيرة وإن كانت من قبيل السقوط في أعين الناس ، وفقدان الكرامة وإراقة ماء الوجه ، بحيث لا ترغد الحياة معه . فإذا كان العلم القطعي بالعواقب الدنيوية لبعض الأفعال يوجد تلك المصونية عن الارتكاب في نفس العالم ، فكيف بالعلم القطعي بالعواقب الأخروية للمعاصي ورذائل الأفعال ؟ علما لا يداخله ريب ولا يعتريه شك ، علما تسقط دونه الحجب فيرى صاحبه رأي العين ، ويلمس لمس الحس تبعات المعاصي ولوازمها وآثارها في النشأة الأخرى ، ذاك العلم الذي قال تعالى فيه : ( كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم ) . ( 1 ) وكأن الإمام عليا ( عليه السلام ) يصف هؤلاء بقوله : " فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون ، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون " . ( 2 )